أزمة الغذاء العالمية والحرب الروسية الأوكرانية على مائدة الجمعية المصرية للأمم المتحدة بالقاهرة


د. عصام  الدين فرج:الحرب بين الدولتين انعكس مردودها على الدول الفقيرة

السفير عزت:إرتفاع عدد الجوعي في جميع أنحاء العالم الى ٣٤٥ مليون خلال الأشهر الاولي لعام  ٢٠٢٢

د. منجى:زادت أزمة الديون على الدول الناشئة وصعوبة فى تدبير العملات الحرة .

القاهرة
فتحى الضبع. جاسر فتحى 

مازالت طاحونة الحرب تدور رحاها فى القارة العجوز بين حلفاء الماضى وأعداء اليوم  والذى انعكس بشكل كبير عن اسعار الغذاء فى العالم وخاصة  فى العالم الثالث
 روسيا واكرانيا دولتان استطاعت ان تقلب موازين الاقتصاد  وتؤثر على  زيادة الفقراء فى العديد من الدول 
مؤخرا عقدت الجمعية المصرية للأمم المتحدة بالقاهرة ندوة   عن أثر الغذاء فى ضوء استمرار الحرب الروسية الأوكرانية وذلك بحضور العديد من المتخصصين والقامات الاقتصادية 
حيث اكد الدكتور عصام الدين فرج أمين عام الجمعية ان هذة الندوة تلقى الضوء على موضوع هام   هو استمرار الحرب الروسية الأوكرانية على ارتفاع اسعار الغذاء والذى انعكس بشكل كبير على العديد من الدول وخاصة  المستوردة للحبوب 
حيث أكد السفير عزت البحيرى رئيس مجلس ادارة الجمعية المصرية للامم المتحدة خلال كلمته التى تناولت العديد من المحاور هى 
أزمة الغذاء العالمية :
عندما تجتمع النزاعات المسلحة والصدمات الإقتصادية والتغيرات المناخية  وأرتفاع أسعار الأسمدة والزيوت والعلف تخلق أزمة غذائية ذات أبعاد غير مسبوقة . 
وقد عاني العالم من ثلاث أزمات غدائية سابقة الأولى كانت بين أعوام ١٩٧٣ و١٩٧٦ والثانية بين أعوام  ١٩٩٨ و ٢٠٠١  والثالثة بين أعوام  ٢٠٠٨  و٢٠١١.   
يؤكد التقرير العالمي الأخير بشأن الأزمات الغذائية ان إنعدام الأمن الغذائي الحاد قد ازداد للعام الرابع على التوالي الأمر الذي يتطلب من المجتمع الدولي - بما في ذلك قادة بعض أغني دول العالم مثل كندا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا واليابان والمملكة المتحدة - مواجهة هذه المعاناة وهي الدول التي اجتمعت مؤخرا في اليابان بمناسبة القمة السنوية لمجموعة السبع .
 علما بأن مستويات الجوع في العالم قد ارتفعت تدريجيا منذ عام ٢٠١٥ وهو العام الذي التزمت فيه جميع دول العالم بالقضاء على الجوع بحلول عام ٢٠٢٠ كجزء من التزاماتها بأهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة ومع ذلك أدت التغيرات المناخية والأزمة الاقتصادية التي أحدثتها جائحة الكورونا الى إرتفاع حاد في الجوع وسوء التغذية.
وقد وجهت منظمة غير حكومية نداء الى قادة مجموعة السبع بتكثيف الجهود لضمان مرونة النظم الغذائية  وإستدامتها وتوزيعها بشكل عادل ودعم النظم الغذائية الصحية من خلال  زيادة الإستثمارات في إدارة سلاسل التوريد والأسواق وضمان إمدادات موثوقة من الأغذية الصحية ودعم المزارعين الصغار للصمود في مواجهة تغير المناخ .
مما لا شك فيه أن أزمات الغذاء أمر سيء للجميع لكنها مدمرة للفئات الأشد فقرا والأكثر احتياجا وترجع أزمة الغذاء في العالم الي سببين:
 الأول: أنه عادة ما تكون أشد بلدان العالم فقرا مستوردة للمواد  الغذائية  .  
والثاني: أن المواد الغذائية تمثل ما لا يقل عن ٥٠ % من  نفقات الأسر فى البلدان منخفضة الدخل فعلى سبيل المثال أزمة الغذاء في عام ٢٠٠٨ سببت زيادة كبيرة في حالات سوء التغذية لا سيما بين الأطفال أي أن أزمة الغذاء العالمية نشأت  قبل قيام الحرب الروسية الأوكرانية نتيحة لإجتماع عدد من الصدمات المناخية والنزاعات والضغوط الإقتصادية مما أدي الى إرتفاع عدد الجوعي في جميع أنحاء العالم من ٢٨٢ مليون نسمة الى ٣٤٥ مليون خلال الأشهر الاولي لعام  ٢٠٢٢ .
  وقد حذر برنامج الأغذية العالمي من أزمة غذاء عالمية غير مسبوقة مع مؤشرات تظهر أن الأسوا قادم وقبيل يوم الأغذية العالمي (١٦ اكتوبر ٢٠٢٢)، دعا برنامج الأغذية  العالمي العالم الى العمل على تفادي وصول الجوع الى مستويات قياسية مرة أخري حيث تستمر أزمة الغذاء العالمية في دفع مزيد من الناس نحو مستويات متدهورة من إنعدام الأمن الغذائي  الحاد و أستهدف  البرنامج الوصول الى رقم قياسي في المساعدات يبلغ  ١٥٣ مليون شخص عام ٢٠٢٢ وأوضح انه على مدار السنوات الثلاث الماضية تكرر وصول معدلات الجوع الى ذروات جديدة وأضاف انه يمكن للأمور أن تزداد سوءا مالم يكن هناك جهد واسع النطاق ومنسق لمعالجة الأسباب الجذرية لهذه الأزمة .
ويعمل برنامج الأغذية العالمي والشركاء في مجال العمل الإنساني على التصدي للمجاعة في خمسة دول هي ( افغانستان - اليمن - الصومال  اثيوبيا - جنوب السودان ) وفي كثير من الأحيان تكون النزاعات المسلحة هي العامل الرئيسي الذي يدفع الفئات  الأشد ضعفا نحو المعاناة من الجوع الكارثي وذلك الى جانب إنقطاع الإتصالات وتأخير  وصول المساعدات الإنسانية والنزوح .
دور الحرب الروسية الأوكرانية في تفاقم أزمة الغذاء العالمية  
مع نهاية العام الأول ودخول الحرب الروسية الأوكرانية عامها الثاني ما زالت تداعياتها الإقتصادية تلقي بظلالها علىً الإقتصاد العالمي وتقوده للدخول في اضطرابات كبيرة والسير  نحو  مصير مجهول في بعض الدول ذات الإقتصاديات المنخفضة مما يهدد بتفاقم الأزمة وتعميق هوتها مع إستمرار  امد الصراع.
فقد أدت الحرب الروسبة الأوكرانية الي تعطيل التجارة العالمية مما تسبب في إرتفاع تكاليف النقل والمهلة الزمنية اللازمة للنقل كما جعل  المزارعون يفتقرون الى الوصول الى المدخلات الزراعية التي يحتاجوها .
كما سرعت هذه الحرب من وتيرة أزمة نقص الغذاء وموجات التضخم  العالمية والتي قد نجمت في الأساس  من عدد من العوامل المتضافرة منها الأثار الإقتصادية التي خلفتها جائحة الكورونا ومشاكل تتعلق بسلاسل الإمداد والبطالة والنقل وأزمة تغير المناخ وتأثيرها علي الإنتاج وإرتفاع تكلفة الطاقة.  
ومع ذلك فعلى الرغم من السرعة التي فرضت بها القيود على التصدير والإستيراد فإنها ليست واسعة النطاق حيث لا تتعدي ٢١ %من حجم التجارة العالمية في القمح بينما بلغت القيود فى ذروة أزمة الغذاء في الفترة من ٢٠٠٨ - ٢٠١١   ٧٤ %  ومن المعلوم أن التدابير التجارية تؤثر تأثيرا واضحا على أسعار المواد  الغذائية  ، فقد فرضت روسيا قيودا على صادرات القمح الى بلدان خارجً الإتحاد الإقتصادي للمنطقة الأوروبية الأسيوية  وبالإضافة الى روسيا فرض المصدرون الأصغر حجما مثل صربيا ومقدونيا الشمالية قيودا على الصادرات .
ولقد أحدثت الحرب الروسية الأوكرانية زيادة عالمية تثير القلق في إجراءات الرقابة الحكومية على تصدير المواد الغذائية، ومن الأهمية بمكان ان يوقف واضعوا  السياسات هذا الاتجاه الذي يزيد من إحتمال حدوث ازمة غذاء عالمية حادة  ، ووفقا لما ذكره محافظ بنك انجلترا ( اندرو بابلي ) أن الحرب الروسية الأوكرانية تسهم بنصيب وافر في أرتفاع أسعار الغذاء  بل وفي  شح المواد الغذائية في البلدان الأكثر فقرا على نحو  يبعث على القلق  الشديد وقد حذر برنامج الأغذية العالمي من إنعكاس التأثير غير المباشر لذلك علي المحاصيل في الفترة القادمة في جميع أنحاء العالم .
وتشير جريدة الأوبزرفر البريطانية الى أنه مع إقتراب شبح كارثة نقص الغذاء ستصرخ الدول الأكثر فقرا كما هي العادة بينما ستبدي  الدول الأغنى شيءا من الصمود ولكن الى حين ، على أن هناك مخاوف من أن تتجاوز الأزمة قدرة سلاسل الإمداد الغذائية العالمية على الصمود وفي ظل ذلك يتوقع حدوث إضطرابات سياسية وأزمات إنسانية وموجات من عدم الإستقرار في عالم يعاني ويلات الجًو ع.
وقد حذر الأمين العام للأمم  المتحدة انطونيو جوتريس  من ان الملايين حول العالم باتوا على شفا الوقوع في هوة إنعدام الأمن الغذائي  وان ذلك قد يفضي الى أزمة جوع قد يطول امدها لسنوات فضلا عن زيادة فرص حدوث كساد عالمي .
كما أشار صندوق النقد الدولي الى أن الأسعار ستظل مرتفعة خلال عام ٢٠٢٣، وشدد على ضرورة التوسع في برنامج الحماية الإجتماعية . 
كما كشف تقرير حديث ايضا عن أن أسعار المًواد  الغذائية  التي وصلت الى مستوى قياسي في وقت سابق من هذا العام تسببت في زيادة إنعدام الأمن الغذائي  وأرتفاع حدة التوترات الاجتماعية .
 كما أدت زيادة الأسعار الى إجهاد ميزانيات الحكومات التي تكافح مع أرتفاع فواتيرإستيراد المواد الغذائية  وتقلص القدرة على تمويل الحماية الإجتماعية الإضافية للفئات  الأكثر  ضعفا وفقرا .
وفي الختام يمكن القول بأنه في الوقت الذي كانت فيه الإقتصاديات  العالمية تستعد للتعافي من آثار جائحة الكورونا وبدأت سلاسل الإمداد العالمية في التحرك نحو إعادة ربط دول العالم لبعضها وإعادة إيصال المنتجات الى رفوف الأسواق جاءت الحرب الروسية الأوكرانية لتزيد من معاناة الإقتصادات العالمية وتضيف لها أزمات جديدة في نقص الغذاء العالمي وأرتفاع أسعار السلع الأخرى بسبب مكانة الدولتين روسيا وأوكرانيا في سلة الغذاء العالمي حيث تصدران ثلث الانتاج العالمي من القمح والشعير واكثر من ٧٠% من زيت عباد الشمس و ١٢ % من صادرات الذرة عالميا  كما تعد روسيا أكبر منتج عالمي للاسمدة  .
وأشار تقرير صادر مؤخرا من البنك الدولي الى أن إرتفاع معدلات التضخم يرجع الى عدة عًوامل إقتصادية عالمية أهمها الحرب الروسية الأوكرانية وتأثيراتها في سلاسل الإمداد العالمية وأسعار الطاقة والغاز وتأزم الأسواق  العالمية .
وقال كبير الخبراء الإقتصاديين في صندوق النقد الدولي بيير اوليفييه حول توقعات ٢٠٢٣ مانصه "علينا أن نكون مستعدين نوعا ما لتوقع ما هو غير متوقع لكنه قد يمثل نقطة تحول مع تراجع النمو الى أدني درجاته ".       
وحول تكلفة تأثير حرب أوكرانيا في الإقتصاد العالمي توقعت  منظمة التعاون والتنمية وهي منظمة حكومية تضم ٣٨ دولة وتعد تجمعا للإقتصادات المتقدمة ومقرها باريس أن تصل تكلفة تأثير الحرب الروسية الأوكرانية  في الإقتصاد العالمي الى نحو  ٢،٨ تريليون دولار بنهاية عام ٢٠٢٣ . 
وأشارت إلى تسبب الحرب في هز الأسواق في جميع أنحاء العالم وتفاقم الخلل في سلاسل التوريد والإمداد العالمية بالإضافة الى أرتفاع أسعار الطاقة مما أضعف إنفاق الأسر وقوض ثقة الأعمال التجارية وتسبب في نقص الغذاء والضرورات  الأخرى ، وذكرت أن إطالة أمد النزاع ستزيد من حالة عدم اليقين التي تلقي بثقلهاعلى الإقتصادا لعالمي وتهدد بمزيد من الأزمات الإقتصادية وتراكم التشوهات في بعض الإقتصادات العالمية وإجبار عدد متزايد من الشركات الى خفض أنشطتها 

أثر تدمير سد نوفا كاخوفكا على الأمن الغذائي العالمي:                         
وفي تطور جديد للحرب الروسية الأوكرانية تم تدمير  سد نوفاكاخوفكا الثلاثاء الماضي الموافق ٦ يونيو الجاري  (ويقع السد على  نهر دنيبرو جنوب اًوكرانيا في منطقة واقعة تحت سيطرة روسيا منذ عام ونصف تقريبا علما بأن اتفاقيات جنيف تحظر بشكل واضح إستهداف السدود في الحرب لما يمثله ذلك من خطر على المدنيين)  .
الأمر الذي آثار الكثير من المخاوف من تعطل إمدادات أوكرانيا من الحبوب وعلى رأسها القمح والشعير والذرة إلي الدول النامية وعودة أرتفاع أسعار المواد الغذائية عالميا.
بالاضافة إلى أن  سد نوفا كاخوفكا مهم للغاية بالنسبة للمنطقة حيث يحتوي على خزان يوفر المياه للمزارعين والسكان ولمحطة زابوريجيا للطاقة النووية وهو بمثابة قناة أساسية تنقل المياه جنوبا نحو شبه جزيرة القرم الواقعة تحت السيطرة الروسية . 
وفي رد فعل سريع ارتفعت أسعار القمح والذرة والشعير في البورصات العالمية  بعد ساعات من الإعلان عن انهيار  سد نوفا وقد حذرت  منظمة الأغذية والزراعة التابعة  للأمم المتحدة من تداعيات تفجير سد نوفا كاخوفكا  على الأمن الغذائي العالمي وقالت ان الفيضانات غمرت آلاف الهكتارات من الأراضي الزراعية حيث  يعد السد المصدر الأساسي للري الزراعي في منطقة خيرسون وشبه جزيرة القرم ومناطق أخري عديدة  مما يهدد بكارثة إنسانية حيث تعد اًوكرانيا رابع أكبر دولة مصدرة للحبوب في العالم كما ذكر متحدث روسي أن الإنفجار دمر خط أنابيب الأمونيا وهي المكون الرئيسي للأسمدة مما يعني إلحاق الضرر بالبنية الأساسية الضرورية لضمان الأمن الغذائي في العالم ، مما يهدد بكارثةً إنسانية حيث تزود أوكرانيا وروسيا العالم ولاسيما الدول النامية بأكثر من ٤٠ % من إنتاج القمح  ، وذكر خبراء برنامج  الغذاء العالمي ان أزمة سد كاخوفكا ستقوض الأمن الغذائي ل ٣٤٥ مليون شخص حول العالم التي تعتبر الحبوب القادمة من أوكرانيا إنقاذا لحياتهم مما يؤكد ان الحرب الروسية الأوكرانية أدت الى تعميق جديد في هًوة أزمة الغذاء العالمي كما أربكت الأسواق وقلصت قيمة الأصول ورفعت الأسعار فى الإقتصاد العالمي ، وتتبادل كل من روسيا وأوكرانيا الإتهامات بتفجير السد .

ومن ناحية أخرى أستعرض الدكتور منجى على بدر الوزير المفوض التجارى والمفكر الإقتصادى فى كلمته العديد من المحاور وهى: 

أولا : أثر أزمة الغذاء العالمية فى ضوء استمرار الحرب الروسية الاوكرانية( افريقيا والدول العربية)
  على الرغم من الصبغة العالمية للصراع الروسي الاوكرانى الا أنه مازال محكوم باطارين الاول : المحدد المكانى حيث الحرب داخل اوكرانيا واحيانا داخل روسيا والثانى: تسليحى فحتى الان يتم استخدام الاسلحة دون النووية  ، 
 وبخصوص موضوع أثر الصراع على  الامن الغذائي العالمى  فنعرض :-
- بدأ ارتفاع أسعار المواد الغذائية عالمياً مع بداية أزمة كورونا 19 وتفاقمت عام 2020 وبدأت الازمة فى الانفراج قليلا مع عام 2021  ثم تفاقمت أكثر مع عام 2022 في أعقاب نشوب الحرب الروسية الأوكرانية  وبعد ذلك تم التركيز على قضية الأمن الغذائي في الدول الناشئة بسبب زيادة أسعار المواد الغذائية العالمية والتضخم ومشاكل سلاسل الامداد والتوريد العالمية .
  وذكر البنك الدولي في تقرير بشأن منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، إن تضخما في خانة العشرات ( رقمين اعتبارا من 10 فصاعدا بعد أن كان فى خانة الآحاد) في أسعار الغذاء بالمنطقة سيؤدي إلى تباطؤ النمو إلى 3%، مقابل 5.8%، العام الماضي وخفض البنك توقعاته لنمو المنطقة بعد تقديرات سابقة نشرها في أكتوبر بنمو عند 3.5%، في عام 2023.
ويؤدى تضخم أسعار الغذاء لاثار سلبية على الأسر الفقيرة. وستشعر الأجيال المقبلة بآثار مشكلة الأمن الغذائي على المدى الطويل.
 وبلغ متوسط تضخم أسعار الغذاء على أساس سنوي في 16 دولة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بين مارس وديسمبر 2022 نسبة 29% مقارنة بنسبة 14.8% بين أكتوبر 2021 وفبراير 2022، وهو شهر الغزو الروسي لأوكرانيا / 24 فبراير2022 .
  فعلى مستوى كل المجموعات الفرعية الأربع لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا التي شملها التقرير:-  البلدان النامية المستوردة للنفط، والبلدان النامية المصدرة للنفط، والبلدان الواقعة في صراعات، ودول مجلس التعاون الخليجي – يشكل التضخم ما بين 24% إلى 33% فى أسعار الغذاء.  وفي 22 يوليو 2022، وقعت روسيا وأوكرانيا مبادرة حبوب البحر الأسود، بدعم من الأمم المتحدة وتركيا، وسمحت لسفن الشحن بالمرور بأمان عبر البحر الأسود من وإلى موانئ أوديسا وتشورنومورسك ويوجني والذي يعرف أيضا بميناء بيفدينيي ، وبدأت أولى شحنات الحبوب في أوائل أغسطس  2022 باستخدام ممر يبلغ طوله 310 ميلا بحريا وعرضه 3 أميال بحرية. وغادرت أكثر من 800 سفينة موانئ أوكرانيا في الأشهر الماضية، حاملة أكثر من 23 مليون طن من الحبوب والمواد الغذائية الأخرى، وكذلك الأسمدة وكانت هذه الإمدادات الإضافية عاملاً رئيسياً في خفض أسعار الغذاء العالمية.  والمبادرة أتاحت تدفق الصادرات الزراعية الأوكرانية للخارج وهو ما ساهم في تراجع أسعار المحاصيل بنسبة 10-15% عن مستوياتها القياسية مع بدء الأزمة الروسية الأوكرانية ، وأن أسعار القمح بلغت 275 دولارا للطن (من حوالى 400 دولار) ، والذرة 280-290 دولار للطن، فيما بلغت أسعار الشعير 260 دولار للطن،وأن استقرار الأسعار رهنا بتمديد اتفاق مبادرة حبوب البحر الأسود، والمقرر انتهائه في منتصف عام 2023 وفي حالة عدم التوصل إلى اتفاق لتمديد مبادرة البحر الأسود، سترتفع أسعار محاصيل القمح والذرة والشعير إلى مستويات قياسية، وهناك عدة عوامل إضافية قد تسهم في ارتفاع أسعار الحبوب، من ضمنها التوقعات الخاصة بمواجهة أميركا طقس جاف، مع تأخر الموسم الزراعي في البرازيل، بالإضافة إلى فشل تمديد اتفاق الحبوب حتى تاريخه ، وعدم قناعة روسيا بالتمديد ، مالم يتم تنفيذ الجزء الخاص بروسيا فى الاتفاق وهو ماأعرب عنه وزير الخارجية الروسي منذ أيام قليلة .
 ونطالب من هذه المنصة الدول بالتوجه إلى زيادة الإنتاج الزراعي بدلا من الاعتماد على الاستيراد . وإعادة تشكيل خريطة الاستثمار الزراعي، حيث دولة مثل السودان تعد سلة الغذاء العربي، وتمتلك مقومات عديدة مثل توافر المياه والتربة الصالحة للزراعة والطاقة الشمسية، وكذلك موقعها الجغرافي حيث قربها لمصر ودول الخليج  ، ونتعشم أن يكون الوضع الراهن مؤقت وتعود السودان الى الاستقرار والتنمية ، خاصة مع زيادة سيطرة الجيش السودانى على الموقف وتردد اشاعات بموت قائد الحرس السريع.
 ثانيا : - كيف أثّرت حرب أوكرانيا على الاقتصاد وحياة الناس في الدول العربية؟
 تشهد اقتصادات دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا أزمات متعددة خاصة فيما يتعلق بالغذاء والطاقة، حيث تسببت حرب روسيا على أوكرانيا في ارتفاع الأسعار مع اختلال سلاسل الامداد والتوريد العالمية . فكيف وصلت تداعيات الحرب إلى الأسر العربية؟
 كان للحرب الأوكرانية الروسية نمن منظور بعض الخبراء - بدأت منذ عام 2014  باحتلال جزيرة القرم وما تلاها من تصعيد واتفاق مينسك 1 و 2  ثم مرحلة غزو روسيا لأوكرانيا فى 24 فبراير عام 2022- تأثير كبير على اقتصاديات الدول العربية وتعطيل طرق التجارة وسلاسل الامداد والتوريد العالمية ، وأيضًا إلى انخفاض النشاط الاقتصادي في أوكرانيا وروسيا ، 
   وعالميا زادت معدلات التضخم مما حدا بالقائمين على السياسة النقدية الى رفع معدلات الفائدة لامتصاص جزء من السيولة فى حين دأب القائمين على السياسة المالية الى مزيد من الانفاق لانعاش الاقتصاد وتخفيف الأعباء على كاهل الطبقات الكادحة  ، 
وتباطأت معدلات النمو الاقتصادى وارتفعت تكاليف النقل والشحن وزادت أسعار المواد الخام والمواد الغذائية وتقلصت حركة الاموال الساخنة لتعود مرة أخرى للسوق الامريكى ، كما انخفضت معدلات الاستثمار الاجنبيى المباشر وزادت ظروف عدم اليقين بين رجال الاعمال،
 كما زادت التوترات بين الدول وزادت معدلات الانفاق على التسليح ، ونعيش حاليا فترة بينية قلقة بين النظام العالمى الاحادى القائم ، والنظام العالمى الجديد متعدد الاقطاب ، وانسحبت الدول الكبرى جزئيا من تعهداتها والتزاماتها المالية فى مجال المناخ والبيئة ، 
وبدأت تظهر بوادر التناقض بين المحافظة على البيئة ومتطلبات التنمية الاقتصادية فى الدول الناشئة ، وحتى النظريات الاقتصادية تصادمت مع الواقع وتوقفت آليات عمل المنافسة أمام تحديات تطالب بتدخل الدول فى النشاط الاقتصادى ، 
وأيضا تأكد لصانع القرار والمواطن العادى أهمية تحقيق الأمن الغذائي وتعميق التصنيع وأيضا ضرورة الفهم الواعى لمتطلبات المستقبل وخاصة مفهوم الذكاء الاصطناعى .  
كما زادت أزمة الديون على الدول الناشئة وصعوبة فى تدبير العملات الحرة .
  كذلك تزيد الحرب من خطر تجزؤ الاقتصاد العالمي بشكل دائم إلى كتل جغرافية وسياسية لكل منها معايير تكنولوجية ونظم مدفوعات عبر الحدود وعملات احتياطي خاصة بها. 
وقد ينشأ عن هذا "التحول الهيكلي" تراجع في مستويات الكفاءة على المدى الطويل والمزيد من التقلبات، فضلا عن أنه يفرض تحديات كبيرة أمام الإطار العالمى القائم على القواعد والذي ساهم في تنظيم العلاقات الدولية والاقتصادية على مدار ال 75 عاما الماضية.  وعلاوة على ذلك، فإن فرض العقوبات الاقتصادية على روسيا( 15 ألف عقوبة اقتصادية على روسيا )  وتأثر دوائر الإنتاج وموانئ التصدير الأوكرانية كان له تأثير أيضًا على التجارة العالمية ومنها المبادلات التجارية بين الدول العربية وكل من روسيا وأوكرانيا، حيث تتعامل الكثير منها مع طرفي النزاع تصديراً واستيراداً.

 ثالثا : كيف تأثرت مبادلات التجارة بين الدول العربية وكل من روسيا وأوكرانيا
1-مع أوكرانيا :
مصر: تستورد من أوكرانيا المخصبات الزراعية ومنتجات اللحوم والقمح والزيوت وتصدر لها الحمضيات والفواكه والأثاث.
العراق: يستورد القمح والشعير والذرة فيما يصدر إليها البترول الخام ومشتقاته والتمور.
السعودية: تستورد الحديد والصلب وزيوت النباتات والذرة فيما تصدر لها البترول الخام ومشتقاته.
الإمارات: تستورد الحديد والصلب والزيوت النباتية والذرة وتصدر لها البترول الخام ومشتقاته والمشغولات الذهبية 
المغرب: يستورد الحبوب والآلات والمعدات ويصدر الأسماك والمنتجات الزراعية والملابس والسجاد.
 2- فيما يتعلق بالمبادلات الاقتصادية العربية مع روسيا فهي كالآتي:
مصر: تستورد النفط والقمح والحبوب الأخرى، فضلاً عن الآلات والمعدات وتصدر لها الفواكه والخضروات ومنتجات غذائية أخرى.
السعودية: تستورد معدات عسكرية وكيماويات ومنتجات زراعية، فيما تصدر النفط والبتروكيماويات.
العراق: يستورد القمح والسيارات والآليات الأخرى، ويصدر النفط والتمور.
الإمارات: تستورد الآليات الثقيلة والسيارات والمعدات الأخرى، فيما تصدر النفط والمنتجات البترولية الأخرى.
الجزائر: تستورد العربات والمنتجات الغذائية والآلات، فيما تصدر النفط والغاز الطبيعي إلى روسيا.
المغرب: يستورد المغرب العربات والفوسفات والمعادن، ويصدر الفواكه والخضروات وغيرها من المنتجات الغذائية.
رابعا : الغذاء والطاقة أكثر القطاعات تأثراً
 طبقا لمؤشر منظمة الأغذية والزراعة ( الفاو) لأسعار الغذاء فإن أسعار الغذاء عالمياً تواصل حاليا الانخفاض. لكن على الرغم من ذلك تشهد أسعار الكثير من المواد الغذائية وأسعار الطاقة وغيرها ارتفاعات متواصلة لا تتوقف في عدة دول - خصوصاً لبنان وسوريا ومصر وتونس والمغرب - في ظل حالة تضخم مقلقة للغاية.
  وبحسب تقارير للبنك الدولي، تعد منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا من أكثر المناطق المعرضة بشكل خاص للصدمات التجارية بسبب اعتمادها الكبير على الواردات الغذائية.
 ويعتبر القمح عنصرًا غذائيًا رئيسيًا في بلدان الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. وتمثل واردات القمح حوالي 60 % من إجمالي كمية القمح في مصر، وهي أكبر مستورد للقمح في العالم. ويأتي نحو 85 % من واردات مصر من القمح من روسيا وأوكرانيا. أيضاً تعتمد السودان واليمن بشكل كبير على واردات الحبوب من روسيا وأوكرانيا.
   ويشير برنامج الأغذية العالمي إن مستوى الجوع في اليمن بلغ حداً غير مسبوق منذ بدء الصراع في عام 2015. ويستورد اليمن أكثر من 50 % من إمدادات القمح من منطقة البحر الأسود. وفي سوريا والعراق، أدى غزو أوكرانيا إلى تفاقم الأوضاع الاقتصادية والإنسانية ، كما تسبب انقطاع إمدادات القمح والمواد الغذائية الأساسية الأخرى إلى زيادة أسعار المواد الغذائية في سوريا.
 وبداية عام 2022، عانى ما يقرب من 60 % من سكان سوريا من مشاكل الأمن الغذائي. وتستورد سوريا ثلثي إمداداتها الغذائية والنفطية، ويأتي معظم قمحها من روسيا ( قبل مايسمى بالربيع العربى كانت سوريا تكتفى من القمح ) .
وفي تونس، تخطط الحكومة لزيادة أسعار الوقود منذ عام 2022، مما يضع ضغوطًا جديدة على الأسر التي تضررت بالفعل من ارتفاع التضخم . ويخشى الخبراء من أن التضخم وغيره من المصاعب قد تصبح عوامل مؤدية إلى زيادة عدم الاستقرار في تونس.  ورغم أن الأسعار بدأت في الانخفاض مع استعادة أوكرانيا قدرتها على التصدير من خلال اتفاقية البحر الأسود، "إلا أننا لازلنا نواجه ارتفاعاً في أسعار المواد الأساسية عما كانت قبل الحرب"، وأنه "طالما استمر هذا النزاع المسلح ، فقد يصبح الاتفاق على تصدير السلع الأوكرانية ورقة ضغط وقد بدأت بوادرها بعد تدمير خط أنابيب نقل الامونيا المستخدم فى صناعة الاسمدة ، وعدم تمديد الاتفاق حتى تاريخه.
 كما توجد صعوبات في مرور ناقلات النفط إضافة لارتفاع أسعار النفط عالميا وزيادة تكاليف النقل.
 خامسا: تأثيرات وانعكاسات الحرب داخل المجتمعات والاسر الصغيرة:-
 تأثير الغزو الروسي لأوكرانيا امتد حتى وصل إلى الأسر الصغيرة في الكثير من الدول العربية:-
   إن الضغط المجتمعي والاقتصادي كبير بسبب الحرب ممثلاً في معدلات تضخم بالغة الارتفاع في مصر  تجاوز ال 30 %، (بلغ 41% فى شهر مارس وهو معدل لم يحدث فى مصر من قبل ) وأن التضخم يعني انخفاض في القدرة الشرائية وانخفاض في الدخول الحقيقية بالتالي القاعدة العريضة من المصريين متأثرة خاصة وأن جزءاَ كبيرا منهم  (ثلث الأسر ) تنفق ما يزيد عن 50 % من دخولها على المواد الأساسية وهذا يترجم عجز الموازنة لأن الدولة تتجه إلى توسيع الدعم الغذائي,
   كما أن الحرب أثرت سلباً على ميزان التبادل التجارى لدول شمال إفريقيا وعلى فرص النفاذ للاقتراض لسد الفجوات التمويلية، "ومصر من الدول التي تأثرت بهذا الأمر ، فمثلاً أضر قرار الفيدرالى الامريكى برفع سعر الفائدة على الدولار بالعديد من الأسواق الناشئة ومنها مصر ( خروج 22 مليار دولار أموال ساخنة فى شهر واحد من مصر ) ، كما أن الصعوبات التي يواجهها استيراد المواد الأولية أمر مرتبط بالتوتر الدولي مع روسيا والتوتر بين الصين والولايات المتحدة الامريكية.
  ونظراً لارتفاع أسعار الطاقة تضرر قطاع النقل وارتفعت معه الأسعار أضافة إلى التأثر الشديد بنتائج جائحة كورونا. وأن أسعار اللحوم ارتفعت نظراً لاتفاع أسعار الأعلاف وأيضاً بعض المواد الزراعية التي تستعمل كغذاء نظراً لخلل سلاسل توريد المواد التي كانت تستورد من روسيا وأوكرانيا".

 سادسا : مقترحات وبدائل وحلول:- 
    يبدو أن أمد الحرب الروسية الأوكرانية سيطول، وشرع العديد من الدول العربية في البحث عن حلول بديلة للحصول على احتياجات شعوبها وخصوصا من الغذاء والطاقة ،وإن البديل : -  
   يتعلق بالسياسة الزراعية وعلاقتها بالتجارة الخارجية، "فدول مثل مصر وتونس والمغرب لديها قطاعات زراعية تنتج الفواكه والخضراوات لتصديرها للسوق الأوروبية بالأساس، مما كان له أثر سلبي على القدرة على إنتاج الحبوب للاستهلاك المحلي، وهو تناقض أساسي موجود دائماً في السياسات الزراعية بين أولويات التصدير والتجارة الخارجية وأولويات الاكتفاء الذاتي من الغذاء، لذا نحتاج إلى بعض التغيير في التركيب المحصولي وهو أمر لن يحدث خلال عام أو اثنين .( نظرية النفقات النسبية / وسياسات الاكتفاء الذاتى والتناقض بينهما) ومصر حسمت أمرها باتباع سياسات متوازنة والبحث عن بدائل لزيادة نسبة الاكتفاء الذاتى ونحن قريبين من 60% سواء باستصلاح الاراضى أو زيادة الانتاجية بتحسين سلالات البذور ودعم الفلاح بالنسبة للسماد وشراء المحصول بأسعار جيدة.
   بالنسبة  للمغرب : منذ اندلاع الأزمة يتعامل مع خيارات متعددة للتغلب على الأزمة، منها اللجوء لبلدان في شرق آسيا لاستيراد الطاقة، وبالنسبة للمواد الزراعية تم التوجه إلى دول بأمريكا اللاتينية وخصوصاً الأرجنتين وتشيلي والبرازيل لاستيراد اللحوم وبعض المواد الغذائية ومنها القمح وعلف الماشية".
   وبالنسبة للجانب المالي والنقدي كان هناك توجه لصندوق النقد الذي ضمن دخول المغرب للسوق الدولي، إضافة للقروض على المستوى الداخلي لتقليل العجز فى الموازنة العامة.
وفي تونس، يمكن القول إن الصدمة الأولى من تداعيات الصراع الروسي الاوكرانى على تونس تم احتواؤها لكن في الوقت الحاضر فإن تبعات الحرب اقتصادياً تسببت في تعقيد المشهد الداخلي بشدة.

سابعا : الصراع الروسي الغربي وأثره على افريقيا :-
    جاء غزو روسيا لأوكرانيا في 24 فبراير 2022، حينما كان العالم لا يزال يتعافى من آثار وباء كوفيد-19 الذي دمر الأرواح وسبل العيش، فمع اكتشاف اللقاحات في أواخر عام 2020 وأوائل عام 2021 كان هناك تفاؤل بأن العالم سوف يعود قريباً إلى الحياة الطبيعية، ولكن الغزو الروسي لأوكرانيا عام 2022 والعقوبات الاقتصادية التي فرضها الغرب على روسيا جاءت لتبطئ الانتعاش العالمي .
  وكان الغزو الروسي لأوكرانيا صدمة خارجية لسلاسل الإمدادات الغذائية العالمية تنذر بآثار مقلقة على الأمن الغذائي في العالم بشكل عام وأفريقيا بشكل خاص، حيث تهدد الحرب الروسية الاوكرانية بإفشال الجهود الوطنية والعالمية للقضاء على الجوع والفقر وتحقيق أهداف التنمية المستدامة في القارة الافريقية.
   إن الحرب الروسية الأوكرانية  قد تهدد بكارثة عالمية جديدة، وذلك بإغراق إفريقيا في خطر متزايد من المجاعة ، حيث يتمثل التأثير الأكثر وضوحاً للحرب على أفريقيا في ارتفاع أسعار الوقود والغذاء والتضخم وعدم الاستقرار المالي، فالقارة الأفريقية تواجه بالفعل تحديات ديموغرافية هائلة واعتماد مفرط على الواردات، إضافة إلى الهشاشة الاقتصادية ، وضعف البنية التحتية .
   وتعد كل من أوكرانيا وروسيا أهم الدول التي توفر الحبوب في العالم، حيث يوفران معاً حوالي 30% من القمح والشعير، و20% من محصول الذرة، وأكثر من نصف زيت عباد الشمس؛ وأوكرانيا هي أكبر مُصدِّر لزيت عباد الشمس، ورابع أكبر مُصدِّر للذرة، وخامس أكبر مُصدِّر للقمح، وتعد أوكرانيا أيضاً مصدراً رئيسياً للقمح لبرنامج الغذاء العالمي الذي يوفر مساعدات غذائية لـ115.5 مليون شخص في أكثر من 120 دولة.
  وتعتمد العديد من الدول الأفريقية على واردات المواد الغذائية والأسمدة من روسيا وأوكرانيا، حيث تحصل نيجيريا على ربع وارداتها من القمح من روسيا وأوكرانيا، وتستورد السنغال ما يصل إلى 650 ألف طن من القمح من روسيا، وتعتمد كل من الكاميرون وتنزانيا وأوغندا والسودان بنسبة تتجاوز الـ40% على القمح الأوكراني، ويأتي كل القمح في الصومال تقريباً من أوكرانيا وروسيا، فيما تُعد دول شمال أفريقيا (الجزائر، ومصر، وليبيا، والمغرب، وتونس) مُستهلك  كبير للقمح، حيث تعتمد دول الشمال الأفريقي بنسبة تقدر بحوالي 80% على القمح والحبوب القادمة من روسيا وأوكرانيا.
   وقد أدت الحرب الروسية الأوكرانية بالفعل إلى تفاقم أزمة الأمن الغذائي التي بدأت في الظهور في عديد من البلدان الأفريقية، فالبلدان الأفريقية هي أكثر ضحايا الآثار الاقتصادية لهذه الأزمة، حيث منعت الحرب الصادرات الغذائية التي تمثل 40% من إمدادات الغذاء الأفريقية من مغادرة موانئ أوكرانيا، فمع الحرب شحت الإمدادات الغذائية وتضاعفت أسعار زيت الطهي الذي يأتي أيضاً من أوكرانيا وروسيا، وارتفعت أسعار المواد الغذائية المرتفعة بالفعل في القارة بنسبة 20%، وهي أعلى نسبة منذ تسعينيات القرن الماضي طبقاً لمؤشرات منظمة الفاو.

  وقد أدت الارتفاعات الحادة في الأسعار الحالية إلى تحولات عديدة في الدول الأفريقية، حيث اضطر المواطنون إلى تغيير عاداتهم الغذائية والتحول إلى المواد الغذائية الأساسية الأرخص ثمناً والمنتجة محلياً، مثل الكسافا أو الذرة الرفيعة، وقد حذّرت منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو) وبرنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة من مجاعة محتملة في عدة أجزاء من أفريقيا ومن تفاقم أزمة الأمن الغذائي، فالحرب الجارية لا تهدد الأمن الغذائي فحسب بل يمكنها أيضاً إشعال الصراع وزعزعة استقرار الحكومات والنظم السياسية الأفريقيةً، حيث تؤدي زيادة أسعار المواد الغذائية المحلية إلى تدهور شديد في الرفاه الاجتماعي والاقتصادي ويمكن أن تؤدي إلى أعمال عنف دراماتيكية،