الموسيقار حليم الضبع رائد الموسيقى إلكترونية فى العالم
القاهرة
فتحى الضبع
من الصعب
أن يكون الاسم مألوفاً لدى الكثيرين، لكن لو أردنا التخصيص والحديث عن مصر، فأيضاً
ستجد صعوبة في معرفة واحد من أبرز مبدعي العالم في مجال الموسيقى الالكترونية، لكن
المهمة ستصبح أقل صعوبة، إن أشرت إلى أنه مؤلف موسيقى عروض «الصوت والضوء» التي يرجع
تاريخ بدايتها في منطقة الهرم إلى العام 1960، وافتتحت في عهد جمال عبد الناصر.
توفي المؤلف الموسيقي وعالم موسيقي الشعوب المصري حليم الضبع في منزله في كنت، أوهايو بالولايات المتحدة الأمريكية عن عمر يناهز 96 عاما. ولد الضبع في 4 مارس 1921 في القاهرة، وتخرج فى قسم الهندسة الزراعية في جامعة فؤاد الأول (جامعة القاهرة الآن) في عام 1921إلا أن اهتمامه بالموسيقي قاده إلي العديد من التجارب الفنية، التعبيرات الفولكلورية ولاحقا التجارب الإلكترونية حيث انغمس في التجارب الصوتية الإلكترونية، كما استخدم هذه الأدوات لتسجيل أصوات طقوس الزار وضجيج شوارع القاهرة. وقد استخدم تلك التجارب لتأليف الموسيقي الخاصة به، ليصبح رائد الموسيقي الإلكترونية في وقت مبكر.
في الخمسينيات
من القرن العشرين، حصل الضبع علي منحة فولبرايت للموسيقي التي أخذته إلي مركز أسبن
للموسيقي في كولورادو حيث التقي إيجور سترافينسكي وساعده، ودرس مع هارون كوبلاند وليونارد
برنشتاين في مركز بيركشاير للموسيقي في ولاية ماساشوستس بالولايات المتحدة الأمريكية.
في وقت لاحق، في نيويورك، كون الضبع صداقات مع الموسيقيين البارزين وأصبح واحدا من
طليعة المؤلفين الموسيقيين المعاصرين مستوحياً إلهامه من الموسيقي الشرقية.
علي
غرار بيلا بارتوك الذي التقي في مصر في مؤتمر القاهرة للموسيقي الذي نظمه الملك فؤاد
في عام 1932، نظم الضبع العديد من الرحلات، حيث استكشف التقاليد الموسيقية لمختلف البلدان
والثقافات، ووثقهم وأدرجهم في مؤلفاته الخاصة. وكان من بين أهم الرحلات رحلات إلي إثيوبيا
ومالي والسنغال والنيجر وغينيا وزائير والبرازيل وغيرها. وكان الضبع قد درس في كلية
الموسيقي بجامعة ولاية كينت وجامعة هوارد في واشنطن وغيرها.وقد ألف الضبع موسيقي العديد
من الأوبرات، وكتب سيمفونيات وباليهات، وكونشرتوات وأعمالا أوركسترالية، فضلا عن موسيقي
الافلام وموسيقي الحجرة والموسيقي المصاحبة للأعمال الدرامية، كما كتب الموسيقي لفرق
موسيقي الجاز والروك، والموسيقي الإلكترونية مقطوعات لمجموعات مختلفة من الآلات الأفريقية
والآسيوية والغربية، واحد من أشهر أعمال الضبع هو تعاونه مع مارثا جراهام في عمل بعنوان
كليتمنسترا.لم يكن يعلم وقتها أن الاسم الذي خطه بقلمه سيصبح صاحبه واحداً من أهم صناع
الموسيقى في العالم في ما بعد، خصوصاً في مجال الموسيقى الإلكترونيةوفي ديسمبر من العام
2015 قامت فنانة الصوت فاري برادلي بإجراء بحث عن حليم الضبع، محاولةً من خلاله إثبات
أن الفنان المصري يعد أصولاً بديلة للما يطلق عليه "موسيقى الكونكريت". وفي
مقالها حاولت برادلي المقارنة بين تجربة الضبع في هذا النوع من الموسيقى وبين تجربة
بيير شيفر أحد أهم الأسماء في النوع نفسه. وبحسب المقال البحثي، فإن تجربة الضبع كانت
أقدم، ولم تتلق دعماً من موسيقيين آخرين، بعكس تجربة شيفر. كما أنها ولدت في القاهرة
بعيداً عن الدول الأوربية المتقدمة. ووفق مقال برادلي فإن صناع الموسيقى في العالم
يهتمون أكثر بتجارب شيفر الموسيقية باعتباره أول من قدم مؤلفات في موسيقى الكونكريت،
دون أن يعلموا أن تجربة الضبع في هذا النوع من الموسيقى سبقته بسنوات وقام بتأليفها
في القاهرة.
تمكن
ملاحظة تأثر حليم بالموسيقى التعبيرية وطريقة التسلسل الموسيقى في كثير من أعماله التي
يغلب عليها السلالم السداسية في بعض الأجزاء، والممزوجة بالطابع الشرقي الذي يظهر في
اعتماده على المقسوم والمقامات الشرقيّة.
ويلاحظ
ذلك التأثر ومزجه بالطابع الشرقي من أول ثلاثية بدأ تأليفها وعمره أحد عشر عامًا على
مدار ثلاث سنوات عرفت باسم "مصريات"، "عربيات"، "أفريقيات"؛
ويظهر من خلالها اهتمامه بالموسيقى الفلكلورية على غرار بيلا بارتوك