محمد الماغوط سافر دون تردد ،،
محمد الماغوط
سافر دون تردد ،،
ستعلم أننا لسنا خير أمة أُخرِجت للناس ، نحنُ فقط
عبء على البشرية و على الحضارة الإنسانية و حتى على أنفسنا ،،
ستتأكد أن لا وقت و لا طاقة و لا رغبة للغرب في
التأمر علينا لأننا نتقن التآمر على بعضنا ، و لأنه مشغول بما هو أهم منا بكثير ،،
ستستغرب لطف سائق التاكسي و الشرطي و عامل المطار
و موظفة ختم الجوازات أو حتى نادل كشكِ القهوة ،،
ستستغرب أن فرقة مطافئ كاملة تأتي لإنقاذ قطة عالقة
على حافة أحد الطوابق العالية من بناء مرتفع ، و أن شرطي المرور يوقف مسير السيارات
لتعبر أوزَّة مع صغارها ،،
ستستغرب عندما ترى الحاكم يمشي في الشارع لوحده
من دون أن يتحلق الناس حوله و يتغنُّوا بحكمته و عبقريته الفذة التي تحسدهم عليها كل
أمم الأرض ، و من دون أن ترافقهُ مواكب و دراجات نارية و مُصفحات كالتي تشاهدها ترافق
موكب حفيد شقيق حاكم بلدك الذي يبلغ من العمر عشر سنوات و هو ذاهب ليأكل الآيس كريم
و يلعب البلاي ستيشن مع أصدقائه في المدرسة الإبتدائية ،،
ستستغرب أن الناس تبتسم لك و لبعضها بود ، و ستتبادل
الأقداح مع رجل غريب في مطعم أو مقهى و تتبادل الإبتسامات مع امرأة حسناء في الشارع
دون أن ينظروا إليك على أي شكل من الأشكال غير إنك إنسان فقط و لا يهمهم غير ذلك منك
،،
نعم ستتعلم إحترام غيرك لتنال إحترامهم ، و ستخجل
من تصرفات سيئة كنت تقترفها كبديهيات في وطنك كتجاوز الطابور ، و دفع الرشوة و قبولها
، و تخريب مقاعد الحدائق العامة و وسائل النقل ، و إلقاء القمامة في الشارع ، و التفاخر
بقرابتك لمسؤول أمني من الدرجة العاشرة أو صداقتك لأحد أقرباء الحاكم من الدرجة الخمسين
، و سرقة الكهرباء من كبل البلدية ، أو سرقة بطة من بركة المنتزه ،،
نعم سوف تشتاق للأهل و الأصدقاء و الكثير من الأشياء
لكن لن تتمنى أن تعود يوماً لحياتك الموحلة السابقة بعد أن اختبرتَ بنفسك معيشة البشر
كما ينبغي لها أن تكون و كما لم تتوقعها أن تكون ،،