حبوب الكبتاغون المخدرة... سوريا مركز التصنيع والسعودية السوق الأول عربيا فى الاستهلاك

 


تُعد حبوب الكبتاغون اليوم أبرز الصادرات السورية، وتفوق قيمتها كل قيمة صادرات البلاد القانونية، وفق تقديرات مبنية على إحصاءات جمعتها وكالة فرانس برس، وتوثّق الحبوب المصادرة خلال العامين الماضيين.

 وباتت سوريا مركزاً أساسياً لشبكة تمتد إلى لبنان والعراق وتركيا وصولاً إلى دول الخليج مروراً بدول إفريقية وأوروبية، وتُعتبر السعودية السوق الأول للكبتاغون.

 وأجرت وكالة فرانس برس مقابلات مع أكثر من 30 شخصاً من مهربين ومسؤولين أمنيين حاليين وسابقين في سوريا ودول أخرى، فضلاً عن ناشطين ومسؤولين محليين على دراية بصناعة الكبتاغون، وطلب معظمهم عدم الكشف عن أسمائهم. وتتداخل علاقات تجارية وعشائرية وقبلية ومصالح بين خطوط تهريب وتجارة الكبتاغون.

 والكبتاغون تسمية قديمة لعقار يعود إلى عقود مضت، لكن تلك الحبوب، وأساسها الأمفيتامين المحفّز، باتت اليوم المخدّر الأول على صعيد التصنيع والتهريب وحتى الاستهلاك في منطقة الشرق الأوسط والخليج العربي.

 

في منطقة نائية في البقاع اللبناني، يقول شخص لديه علاقات مع عدد من التجار مكنته من الاطلاع والتوسّط في صفقات كبيرة، عن تجارة الكبتاغون، "رأسمالها خفيف وأرباحها كبيرة".

طرق تهريب مبتكرة في شبكة تمتد من سوريا عبر لبنان والعراق وتركيا وصولاً إلى دول خليجية. ذاع صيت هذا المخدر في الأصل بين عناصر تنظيم "الدولة الإسلامية" ولكن مهربيه يرجعون انتشاره إلى ضيق ذات اليد. مهربون يقولون إن النظام السوري هو "الممول الأساسي" لهذا المخدر.

ولطالما شكّلت الحدود اللبنانية السورية مساراً لتهريب البضائع على أنواعها. ولم تعد تقتصر عمليات تهريب الكبتاغون على الحدود الشرقية للبنان خصوصاً بعد حملة أمنية طالت التجار، فتحوّل كثر إلى الحدود الشمالية.

على مدار سنوات، أُغرِقَت أنحاء الشرق الأوسط، لا سيما دول الخليج العربي، بأقراص الكبتاغون، المعروفة بـ"كوكايين الفقراء"، وضُبِطَت شحنات متتالية من هذا العقار في السعودية والكويت والأردن ومصر قادمة من لبنان وسوريا اللذين أصبحا البلدين الأبرز في تصنيع وتصدير الفينيثايلين بالمنطقة. هذا وتُشير الأرقام إلى ضبط أكثر من 250 مليون حبة كبتاغون عالميا عام 2021، وهو رقم يعادل 18 ضِعْفا للكمية التي ضُبطت قبل أربع سنوات فقط.

يُعَدُّ الكبتاغون (أو أبو هلاليْن كما يُسمِّيه بعض الشباب السعودي نسبة إلى حرفَيْ C المنقوشيْن على أقراصه اللذيْن يماثلان هلاليْن) المُخدِّر المُفضَّل في المملكة العربية السعودية ودول الخليج في العموم. فخلال السنوات الأخيرة، تحوَّلت (4) دول مجلس التعاون إلى الوجهة الأولى لسوق المخدرات ذات المنشأ اللبناني والسوري، وبالأخص الكبتاغون القادم عبر الطرق البرية من الأردن ولبنان، وهو ما دفع السلطات السعودية لخوض صراع كبير لكبح تلك الموجة والطفرة التي تسبَّبت بها الحرب السورية وما تبعها من أحداث.

   بيد أن القشة الأخيرة التي قصمت ظهر البعير، وقرَّرت على إثرها الرياض حظر استيراد الفواكه والخضراوات من لبنان، أتت في إبريل/نيسان الماضي حين صودرت أكثر من 5 ملايين حبة من الكبتاغون وُجِدَت موضوعة داخل ثمار الرمان. وقد قالت وزارة الداخلية السعودية إن "الحظر ضروري، لأن لبنان فشل في وقف تهريب المخدرات، على الرغم من محاولات المملكة العديدة لحث السلطات اللبنانية المَعنية على القيام بذلك، ولحماية مواطني المملكة والمقيمين فيها".

   في هذا السياق، يرى المسؤولون في المملكة أن استهداف البلاد بالمخدرات القادمة من لبنان وسوريا له هدفان في آنٍ واحد، سياسي ومالي. فمع حاجة الجهات النافذة في كلا البلدين إلى المال، يُستَبعد أن تكون عمليات التهريب قد تمت دون حماية قوى نافذة في بيروت ودمشق، ولكن ما يُجمع عليه المراقبون هو أن جهود المملكة لمواجهة تلك التجارة المتفاقمة، ومنها قرار الحظر الشامل، لا يمكنه أن يُحقِّق أهدافه كاملة، والدليل أن الصفقات تواصلت بعد حظر تصدير الفاكهة والخضراوات الذي ألحق أضرارا كبيرة بالمزارعين في لبنان، إذ سرعان ما يتكيَّف المهربون مع الحظر، إما باعتماد أساليب جديدة لتمويه أقراص الكبتاغون، وإما باستخدام طرق تهريب جديدة كليا.