على مدار العام الماضي، شهدت الخزينة المصرية نقصا واضحا
في احتياطي النقد الأجنبي، ما تسبب في عدة أزمات، على رأسها تعثر الاستيراد، في بلد
يعتمد بشكل كبير على السلع القادمة من الخارج.
وهناك من يرى أن حالة الضبابية التي تكتنف الوضع الاقتصادي
في مصر، فضلا عن التذبذب في قيمة العملة قد يكون عاملا طاردا للمستثمر الأجنبي.
وكثرت التساؤلات على مواقع التواصل الاجتماعي عن عدم وجود
بيانات حكومية واضحة تكشف للناس تفاصيل المرحلة المقبلة.
ويرى علاء عبد الحليم أن الدولة المصرية تقدم معلومات للمؤسسات
الدولية مثل صندوق النقد أكثر مما تقدم للمواطن المصري الذي بات عليه أن يبحث عن المعلومات
لدى تلك الكيانات الدولية.
وكتب أحد المواطنين على تويتر "لماذا لا تحدثنا الحكومة؟".
وبسبب تعقيدات إجرائية في عمليات الاستيراد تكدست كميات ضخمة
من البضائع في الموانئ لأشهر، لكن الحكومة نجحت مؤخرا في الإفراج عن بعضها. وأعلن رئيس
الوزراء مصطفي مدبولي الإفراج عن بضائع من الموانئ بقيمة 6.25 مليار دولار، الشهر الماضي،
من أصل بضائع تقدر قيمتها الإجمالية بنحو 14 مليار دولار.
يرى بنك جولدمان ساكس، أن الجنيه المصري لم يصل بعد إلى السعر
العادل له أمام الدولار الأمريكي، رغم الارتفاعات الكبيرة المسجلة للعملة الخضراء في
البنوك المصرية مؤخرًا.
وأكد فاروق سوسة المحلل الاقتصادي لدى جولدمان ساكس (NYSE:GS) لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا،
في مذكرة بحثية حديثة، أن تعديل سعر صرف الجنيه أمام الدولار لم يكتمل بعد، وأنه يجب
أن يستمر بشكل كبير قبل استعادة توازن العرض والطلب في سوق العملات الأجنبية.
وبحسب سوسة، أنه رغم التقدم الكبير الذي شهده سوق الصرف في
الأسابيع الأخيرة، إلا أن عدم وجود تدفقات كبيرة من دول الخليج والقدرة المحدودة للبنك
المركزي المصري على توفير السيولة بالعملة الأجنبية في السوق، سيؤدي إلى مزيد من التراجع
في سعر الجنيه ينتج عنه زيادة في الأسعار.
وقال "في الوقت الذي وصل فيه سعر الصرف إلى مستوى
27.70 جنيه للدولار بالبنوك، فإن السعر الموازي وفقًا للمتوسط اليومي أقرب إلى 35 جنيهًا
للدولار، وسعر الصرف المعمول به في سوق الذهب يبلغ نحو 33 جنيها للدولار".
واعتبر أن الجنيه على المدى الطويل يتجاوز بالفعل قيمته العادلة
وهو ما تدل عليه انحرافات سعر الصرف الفعلي الحقيقي، وكما حدث في عام 2016، من المرجح
أن يكون التجاوز مؤقتًا.
في مذكرة بحثية حديثة هو الآخر رفع بنك HSBC توقعاته لسعر الدولار مقابل الجنيه، مرجحا أن يسجل
على المدى القريب 32.5 جنيه في المتوسط مقارنة بـ 26 جنيها في توقعات سابقة. ولكن وتيرة
انخفاض الجنيه كانت أسرع من توقعات البنك، إذ انخفض الجنيه للمستويات المذكورة خلال
أيام وليس على المدى القريب - يشير المدى القريب في الأوساط المالية عادة إلى مدة زمنية
تصل لعدة أشهر - الذي كان يتوقعه البنك
وأوضح التقرير أن استمرار انخفاض الجنيه على المدى القريب
يرجع إلى زيادة احتياجات التمويل العالية للغاية من الدولار وتدفقات رأس المال المنخفضة
نسبيًا في هذه الفترة.
وقال بنك "HSBC": "حتى الانخفاض إلى ما يزيد على 30 مقابل الدولار، والذي
يرفع خسائر سعر الجنيه إلى 50% (رفع مكاسب الدولار إلى أكثر من 100%)، قد لا يضغط على
فاتورة الاستيراد المرتفعة بشكل كافٍ أو يؤدي إلى انتعاش قوي بما فيه الكفاية في تدفقات
التحويلات المالية بشكل فوري، لكن ضغوط الحساب الجاري تتراجع".