تدريس علم الأخلاق مهم جدا بقلم ا. د. محمد ابراهيم المصري
حين كنت مستشارا لكلية الدراسات العليا في دولة خليجية اقترحت كورسات تدرس في كل الكليات لرفع مستوي خريج الدرسات العليا في الطب والهندسة والشريعة والقانون والاعلام والآداب .. إلى المستوى العالمي.
ومن ضمن هذه الكورسات كورس "الأخلاق والمهنية" يكون فيه جزء عام لكل الكليات وجزء خاص بكل كلية على حده فمثلا حين يدرس في كلية الطب تكون هناك أمثلة عملية خاصة بالاطباء وهكذا.
والأخلاق على المستوي الفردي سهل شرحها وتطبيقها ويكون الوازع أخلاقي او ديني او وطني للمصلحة العامة او إنساني لخدمة البشرية جمعاء .. لكن على المستوى الأعلى مثلا شركة او دولة تكون الأخلاق صعب تحقيقها .. والمهنية تكون في وضع لا تحسد عليه .. والثمن الذي يدفعه الشخص الذي يتمسك بالأخلاق والمهنية يمكن أن يكون باهظا فيفقد وظيفته او حتى حريته او حياته.
خد مثلا طبيب حديث التخرج يواجه المواقف التالية وكيف يتصرف:
اولا علي المستوى الفردي
في المستشفي الخاص الذي يعمل بها هذا الطبيب الشاب وجد شنطة فلوس بها مبلغا يساوي 3 سنوات عمل .. فماذا يفعل؟ في الغالب ضميره حيحثه - دون اى تردد - على ان يسلم الشنطة لرئيس مجلس إدارة المستشفى أو المدير ليبحث عن صاحب الشنطة.
ثانيا علي مستوى المستشفى
افترض ان نفس هذا الطبيب الشاب اصبح عضوا في فريق طبي مكون من زملاء ذي خبرة طويلة ومرة قرروا ان مريض غني يحتاج لعملية و كان من رأيه الطبي ان العملية غير ضرورية .. لكن لو افصح عن رأيه ممكن يفقد وظفته فماذا يفعل؟ هل يجاهر برأيه ام يسكت؟ ماذا لو لم يجاهر برأيه ومات المريض؟ لكن ماذا لو جاهر برأيه واستبدلوه بطبيب اخر ومات المريض برضه؟
ثالثا على مستوى الوزارة
انتدب هذا الطبيب الشاب ليكون مستشارا لوزير الصحة بمرتب أضعاف ما كان عليه في المستشفى .. فاتفق مع زميلته الطبيبة الشابة علي الزواج ليعيشوا في سعادة ويخلفوا كمان صبيان وبنات .. وبعد سنة اكتشف ان قرارات الوزير فيها خطر ليس على مريض واحد بل علي صحة الشعب كله .. فماذا يعمل؟ يستقيل؟ يصارح الوزير؟ يسكت على الاقل حتي يتزوج؟ وبعدين هل هو متأكد تماما ان معلوماته أصح من معلومات الوزير؟
طبعا في مثل هذا الكورس تدرس القواعد القانونية لكل مهنة ومسؤولية المهني ان يعرفها جيدا والا يخرق القانون ويتحول من طبيب او مهندس او مدرس او محامي الخ إلى مجرم.
استاذ هندسة المكروتشبس بجامعة واترلو بكندا