الكويت تمضي بأكبر حملة سحب جنسيات فى تاريخها
أعلنت الجريدة الرسمية الكويتية عن صدور مرسوم يقضي بسحب الجنسية الكويتية من الفنان داود حسين، والمطربة نوال الكويتية، طبقاً لما ذكرته صحيفة "القبس".
ووفقاً للمرسوم الذي نُشر في الجريدة الرسمية الكويتية، فقد صدر المرسوم بسحب الجنسية منهما، وممن اكتسبها معهما عن طريق التبعية، وفي الوقت ذاته قررت اللجنة العليا لتحقيق الجنسية في اجتماعها الأخير، سحب وفقد الجنسية من 1758 حالة تمهيداً لعرضها على مجلس الوزراء.
ووسط تساؤلات حول قانونية الخطوة، يقول مركز الخليج لحقوق الإنسان بأن قرارات اللجنة العليا لتحقيق الجنسية الكويتية توالت قراراتها التعسفية بمصادرة الجنسية للعديد من المواطنين”، كما قال المركز الحقوقي في أكتوبر الماضي، إن “عملية إلغاء الجنسية تتم بشكل تعسّفي ودون سابق إنذار، مما قد يحرم الأفراد المتضررين من الطعن على هذه القرارات أمام المحكمة”
ولا تُقدّم السلطات الكويتية بدائل حياتية لمن جرى سحب جنسيّاتهم، فهؤلاء يتحوّلون بموجب سحب جنسيتهم إلى “عديمي الجنسية”، ما يُعرّضهم لفقدان امتيازات الجنسية من التعليم، والخدمات الأساسية، فيما يجري الحديث عن خطر ترحيلهم من البلاد.
وذكرت تقارير محلية بأن وزارة التجارة الكويتية أوقفت بالفعل نحو 4000 مستفيد من البطاقة التموينية حتى الآن، بين مستفيد وأفراد عائلته المشمولين، على خلفية قرارات سحب جنسياتهم، وهذا يندرج بطبيعة الحال تحت بند عدم تقديم السلطات بدائل حياتية للمسحوبة جنسيّاتهم.
وكان لافتًا إقدام السلطات الكويتية على سحب الجنسية من رجل الأعمال الملياردير معن الصانع وهو يحمل الجنسية السعودية، وعليه تنص المادة 11 على فقد الجنسية الكويتية من اختار طوعًا الحصول على جنسية أخرى، ولكن هذا سبب قد لا يكون هو السبب الرئيسي لسحب الجنسية من الصانع فالرجل حمل الجنسيتين طويلًا، لكنه اعتقل ضمن الحملة التي أطلقها ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان على الفساد، طالت أمراء ورجال أعمال في السعودية عام 2017، كان الصانع من بينهم، وبيعت بعض أملاكه في المزاد.
وتُتّهم الحكومات السابقة في ظل العهد الأميري الجديد الذي يشهده الكويت، بأنها كانت تتخطّى صدور مرسوم بمنح الجنسية قبل العهد الحالي، ومنح الموافقات بالتالي على طلبات الحصول على الجنسية من دون انتظار صدور مرسوم بذلك.
ووصلت أوامر سحب الجنسية لتطال الفنانة نوال الكويتية، وقد تصدّر اسمها الوسوم المُتفاعلة على منصة “إكس”، فيما واصلت الفنانة الصمت، ولم يصدر عنها أي بيان رسمي ينفي أو يؤكد.
وفي ظل غياب مجلس الأمّة الذي جرى حلّه بأمر أميري لأربع سنوات، تأخذ الحكومة الكويتية قُدرتها على التنفيذ بهذه الأرقام غير المسبوقة بسحب الجنسيات في إطار تنفيذ توجيهات أمير الكويت مشعل الأحمد الجابر الصباح، الذي يقضي بالحفاظ على الهوية الوطنية ووحدة المجتمع الكويتي وتعزيز أمنه والحفاظ على ثروات البلاد لأهلها، في مواجهة من استفاد منها دون حق، الأمر الذي يُثير انتقادات بعض الأصوات في الكويت، كون بعض بنود قوانين سحب الجنسية فضفاضة، وقد تخضع لأسباب سياسية بحتة كما جرى في بعض الحالات من انتقاد لدول مجاورة، أو انتقاد سياسات محلية عُليا.
ونقلت جريدة “الراي” المحلية عن مصادر مطلعة بأن الإحصاءات المتواصلة التي تُواكب قرارات سحب وفقد الجنسية خلال الفترة الماضية، أظهرت أن أكثر من 1800 حالة من المسحوب جنسياتهم، من الحاصلين على الدعم الإنشائي (30 ألف دينار)، الذي تمنحه الدولة لأصحاب القسائم السكنية.
وللتضييق أكثر على حالات الحصول على الجنسية الكويتية، وافق مجلس الوزراء الكويتي في اجتماعه 24 سبتمبر الماضي على تعديل قانون الجنسية الكويتية حيث “لا يترتّب على كسب الأجنبي الجنسية الكويتية أن تصبح زوجته كويتية، ويعتبر أولاده القصّر كويتيين ولهم أن يقرروا اختيار جنسيتهم الأصلية خلال السنة التالية لبُلوغهم سن الرشد”، كما قضت التعديلات بأنه “لا يترتّب على زواج المرأة الأجنبية من الكويتي أن تُصبح كويتية”.
ويُطالب بعض الكتّاب في الصحافة الكويتية بالتفريق بين الحاصلين على الجنسية بالطرق القانونية، وبين من حصلوا عليها بالخيانة، والتزوير، مُحذّرين من رياح فتنة قد تعصف بالبلاد، منهم الكاتب أحمد يعقوب باقر، وما استعرضه في مقاله بصحيفة “الجريدة” المحلية.
الكاتب محمد البغلي حذّر في مقاله من المساس بالمراكز المستقرة لمن حصلوا على الجنسية الكويتية دون وجود دليل لدى مؤسسات الدولة حول التزوير أو الازدواجية، وهنا نتحدث يقول الكاتب عمَّن حصل عن الجنسية نتيجة مواد القانون التي تُتيح التجنّس وفق الخدمات الجليلة أو عبر الزواج من كويتي، وهي جنسيات صدرت بشكل رسمي دون بيانات مضللة، وبالتالي فإن رجعية العقوبة لأشخاص بالأصل غير مُخالفين “يعبّر عن مزاج سيئ في تطبيق القانون”.
بكُل حال، تُصر السلطات الكويتية على تأطير حملتها المُتواصلة بسحب الجنسية في إطار مصلحة البلاد، وتطبيق القانون، والضرب بيد من حديد على المُخالفين، والمُزوّرين مهما طال أمد الحملة واشتد وقعها وجدلها، لكن تزايد أعداد المسحوبة جنسيّاتهم وتسارعه في المُقابل، يدفع المُتخوّفين على مصلحة البلاد، إلى دعوة الحكومة للتمهّل، وإعادة الجنسية لبعض ممن فقدوها، والتحذير مما يصفوه بنزعات عنصرية أو توجّهات إقصائية يُمكن أن تؤثر في عملية سحب الجنسية، كما تعريض النسيج الاجتماعي لضررٍ أعمق، هذا بالإضافة إلى تحذيرات ومخاوف اقتصادية من تعثّر آلاف الأفراد على نحو مفاجئ في سداد التزاماتهم تجاه البنوك أو الإيجارات أو بنك الائتمان، فضلاً عن العلاقات التجارية بين الشركاء إذا سُحبت أو فُقدت الجنسية من أحدهم!