لانريد ان نصبح من دول العالم الثالث الشعب الكورى يقف فى وجه الرئيس منعا لتمرير الأحكام العرفية
فتحى الضبع
بالنسبة للعديد من الناس خارج كوريا الجنوبية، كان قرار الرئيس يون سوك يول بإعلان الأحكام العرفية في وقت سابق من هذا الأسبوع بمثابة تطور مفاجئ ومدهش. ولكن داخل البلاد، كان ذلك بمثابة تذكير مخيف بالاضطرابات الماضية والأرواح التي أزهقت على الطريق إلى الديمقراطية.
ولم يكن الأمر الذي أصدره يون يوم الثلاثاء هو المرة الأولى التي يتم فيها إعلان الأحكام العرفية في تاريخ البلاد الذي يبلغ قرابة 80 عامًا. فمنذ تأسيسها في عام 1948، شهدت كوريا الجنوبية العديد من الصدامات السياسية التي تم فيها إعلان الأحكام العرفية ــ بما في ذلك حلقة محورية في عام 1980 أسفرت عن مقتل العشرات وإحداث صدمة في الأمة.
يواجه رئيس كوريا الجنوبية يون سوك يول احتمال عزله بسبب إرساله جنودا مدججين بالسلاح إلى شوارع سيول وإعلانه الأحكام العرفية بشكل محير والذي ذكّر كثيرين بالدكتاتوريات المدعومة من الجيش في الماضي في البلاد.
بدأ المشرعون إجراءات عزل يون بعد ساعات فقط من تصويت البرلمان بالإجماع على إلغاء الأحكام العرفية، مما أجبر الرئيس على رفع أمره بعد حوالي ست ساعات من بدء سريانه. وقد يتم التصويت في وقت مبكر من يوم الجمعة وسيحتاج إلى دعم ثلثي الجمعية الوطنية للتقدم إلى المحكمة الدستورية، التي ستقرر ما إذا كانت ستعزله من منصبه.
خلال الدكتاتوريات التي نشأت مع إعادة بناء كوريا الجنوبية بعد الحرب الكورية (1950-1953)، أعلن القادة بين الحين والآخر الأحكام العرفية التي سمحت لهم بنشر جنود مقاتلين ودبابات ومركبات مدرعة في الشوارع أو في الأماكن العامة لمنع المظاهرات المناهضة للحكومة.
قاد الجنرال بارك تشونغ هي عدة آلاف من القوات إلى سيول في الساعات الأولى من صباح السادس عشر من مايو/أيار 1961، في أول انقلاب تشهده البلاد. وقاد كوريا الجنوبية لمدة تقرب من عشرين عاماً وأعلن الأحكام العرفية عدة مرات لوقف الاحتجاجات وسجن المنتقدين قبل أن يغتاله رئيس جهاز المخابرات التابع له في عام 1979.
وبعد أقل من شهرين من وفاة بارك، قاد اللواء تشون دو هوان الدبابات والقوات إلى سيول في ديسمبر/كانون الأول 1979 في ثاني انقلاب تشهده البلاد. وفي العام التالي، نظم حملة عسكرية وحشية ضد انتفاضة مؤيدة للديمقراطية في مدينة جوانججو الجنوبية، مما أسفر عن مقتل ما لا يقل عن 200 شخص.
في صيف عام 1987، أجبرت احتجاجات الشوارع الضخمة حكومة تشون على قبول الانتخابات الرئاسية المباشرة. وفاز صديقه في الجيش روه تاي وو، الذي انضم إلى انقلاب تشون في عام 1979، بالانتخابات التي عقدت في وقت لاحق من عام 1987 بفضل انقسام الأصوات بين مرشحي المعارضة الليبرالية.
لم تكن التقلبات التي أحاطت بالرئيس الكوري الجنوبي يون سوك يول بعد محاولته فرض الأحكام العرفية في البلاد الأولى من نوعها، فقد واجه قبل أشهر دعوات للاستقالة تعلقت نسبيا بقبول زوجته لهدية من قس أميركي كوري.
واتهمت زوجة الرئيس كيم كيون هي قبل عام تقريبا بقبول حقيبة "كريستيان ديور" بقيمة 2200 دولار كهدية من قس أميركي كوري، يدعى تشوي جاي يونغ.
ووفقا لقوانين محاربة الفساد في البلاد يحظر على المسؤولين وزوجاتهم تلقي هدايا تزيد قيمتها عن 750 دولارا فيما يتعلق بواجباتهم العامة.
وفي نوفمبر الماضي، ظهر مقطع فيديو تم تصويره سرا على الإنترنت يزعم أنه يظهر كيم تتلقى حقيبة ديور زرقاء اللون من القس.
وقد استجوب ممثلو الادعاء كيم بشأن الهدية، لكن لم يتم توجيه اتهام إليها.
وهذه ليست المرة الأولى التي تواجه فيها كيم تدقيقا عاما، اذ اضطرت للاعتذار خلال حملة زوجها الرئاسية لاستخدامها أوراق اعتماد مزورة.
وقال الرئيس إن زوجته تعرضت "لشيطنة" مفرطة، لكنه لم ينكر على وجه التحديد أن زوجته قبلت الحقيبة.
كما زعم الرئيس الكوري الجنوبي أن الفيديو تم تسريبه باعتباره "مناورة سياسية" ضده وأن البرلمان، الذي تشغل المعارضة أغلب مقاعده، كان يحقق معها "بشكل إشكالي".
وقدّم عدد من كبار معاوني الرئيس الكوري الجنوبي "استقالتهم بشكل جماعي" الأربعاء بعد فشل محاولته فرض الأحكام العرفية في البلاد، بحسب ما أفادت وكالة "يونهاب" للأنباء.
وأفاد حزب المعارضة الليبرالي، الحزب الديمقراطي، الذي يتمتع بأغلبية في البرلمان المكون من 300 مقعد، الأربعاء إن نوابه قرروا مطالبة يون بالاستقالة فورا أو اتخاذ خطوات لعزله.
وأضاف الحزب في بيان: "إعلان الرئيس يون سوك يول للأحكام العرفية كان انتهاكا واضحا للدستور. لم يلتزم بأي من الشروط اللازمة لإعلانها".
وأكد الحزب أن "إعلانه للأحكام العرفية كان في الأصل باطلا ويعد انتهاكا جسيما للدستور. كان فعلا عمل تمرد خطير ويوفر أساسا قويا لعزله".