ليلة فبراير التي لا تُنسى (أمسيتي الأولى في النادي الثقافي المصري في نيويورك)....بقلم الكاتبه امل الروبى
منذ أعوامٍ طويلةٍ_ لربما من أيام الجامعة_ لم يحالفني الحظ للمشاركة في أمسيةٍ ثقافيةٍ أو ندوةٍ أدبيةٍ بصفتي شاعرة أو رسامة أو أديبة رغم أنني لم أهجر قلمي ولا لوحاتي لعامٍ واحدٍ في حياتي، ولكن ربما جاء ذلك لانشغالي لفترةٍ بتربية الصغار بعد زواجي بالتحديد، وربما للغربة وما تفرضهه علينا من عزلةٍ إجباريةٍ أحياناً، ولذا جاءت هذه الليلة الاستثنائية في حياتي بعد طول اشتياقٍ لتكون إحدى أجمل ليالي العمر ليس فقط على المستوى الأدبي وإنما الإنساني أيضا، فقد أشعرتنا جميعا باللمة المنشودة في حضن الوطن المفتقد، وكأننا هبطنا بلا طائرة ولا مطارات لسويعات إلى أرض الكنانة بسمائها المشمسة الدافئة، وأريج نيلها العبق، حيث كان أغلب الحضور في النادي الثقافي المصري من بلدي الحبيب مصر، وبعضهم الآخر من لبنان وسوريا والعراق واليمن، ومن اليمن تحديداً كانت الزميلة نجلاء العمري التي شرفت بالتعرف عليها، إذ فوجئت بنقاطٍ عدة تجمعني بها، ففضلاً عن هذا اللون المتقارب الذي وقع اختيارنا عليه بالمصادفة في أزيائنا للأمسية وهو ما أشار إليه مدير الندوة مداعباً، جاء حديثنا متقارباً من حيث النشأة أيضاً، إذ نشأت الكاتبة في اليمن كما نشأتُ أنا في المملكة العربية السعودية في أجواءٍ ثقافيةٍ تتم بالتحفظِ الشديدِ في هذا الوقت تحديداً، ولذا تشاركنا الرؤية حول نقاط متعددة بخصوص نشأة الكاتبات في المجتمعات المنغلقة وما يواجههنه من عقباتٍ وتحدياتٍ صعبةٍ في كثيرٍ من الأحيان، وجاءت بدايةُ الأمسية بتقديم الأستاذ طارق سليمان للندوة ثم قام الأستاذ عصام البدري بتقديمي تقديماً رائعاً مستوفيا:
أمل الروبي هي كاتبة وروائية وشاعرة ورسامة تجمع بين الثلاثة فنون منذ نعومة أظفارها، نشأت بين أربع دول، حيث وُلدت بنيويورك لأبٍ شاعرٍ ومترجمٍ مخضرمٍ هو الدكتور عوض فهمي الروبي وكان زميلاً لي في الأمم المتحدة في نيويورك وقد سعدت شخصيا بالعمل معه قبل أن ينتقل إلى النمسا حيث هناك كانت الطفولة المبكرة للكاتبة في فيينا بلد الجمال، ومن ثم انتقلت الأسرة إلى المملكة العربية السعودية حيث بدأ حب أمل الروبي وولعها باللغة العربية والأدب العربي، وتأثرت في صباها بأبيات الشاعرين الكبيرين نزار قباني وفاروق جويدة، انتقلت أمل الروبي إلى مصر حيث حصلت على بكاروليوس الإعلام، وأكملت الدراسات عليا فيه، ومن ثم تزوجت وأنجبت حتى عادت من جديدٍ إلى تحقيق حلمها، فبدأت مسيرتها بانشاء قناة لها على اليوتيوب عام ٢٠١٨ ثم صدر لها أول ديوان شعري بعنوان "حب ممنوع" حققت فيها حلم الطفولة بالدمج بين عالمي الكلمة واللوحة ليشكلا معاً إحساساً فريداً يؤثر في القارئ بعمقٍ شديدِ الخصوصية، ثم بدأت الكتابة في جريدة عرب استوريا كصحفيةٍ وروائيةٍ وصاحبة مقال، ومن ثم كانت انطلاقتها الأولى في فترة الكورونا حيث عكفت أمل الروبي على كتابة روايتها الأولى والأهم والتي كانت الجسر الرابط بينها وبين القراء سواء في مصر أو في الولايات المتحدة الأمريكية وهي بعنوان:"ليلى والحب المستحيل" بجزأيها الأول والثاني، وهي مستوحاةٌ من قصةٍ حقيقيةٍ لأسرةٍ مهاجرةٍ بين الغربِ والشرق، وبعد نجاح "ليلى" وما حققته من تأثيرٍ عميقٍ وصدىً انعكس على آراء القراء وردود افعالهم توالت الروايات والدواوين الأخرى التي حققت أصداءً ونجاحاتٍ تعتز بها الكاتبة وخلقت رابطاً قوياً بينها وبين قرائها وآخرها رواية فوتوسيشن الصادرة عام ٢٠٢٤
وبعدها بدأتُ حديثي عن عملي الروائي الأول "رواية ليلى والحب المستحيل" وما صاحبني في كتابته من مشاعرٍ متقلبةٍ ما بين دموعٍ وضحكاتٍ ونوباتٍ من الأرقِ وأحلام يقظة، كما استرجعت ما تملكني آنذاك من رغبةٍ قويةٍ ملّحةٍ في توجيه رسالة إلى روح والدي العزيز والذي كان له أثرٌ كبيرٌ في تشكيل شخصيتي منذ الطفولة ودعمي ككاتبة وفنانة وكيف شكلت وفاته المفاجئة صدمةً قويةً خلقت بداخلي قوةً كامنةً حملتني على الكتابة والرسم حتى رسمت ما يقارب الأربعين لوحة، لأمضي فترة الكورونا (عام ونصف) في تجسيد "ليلى والحب المستحيل" كتابة ورسما بل وضمنتها من قصائدي أيضا، داخل نفس السياق الدرامي وليس اقحاما عليه، وأتبعت حديثي عن نبذات من رواياتي الخمسة الأخرى:
أحيانا نولد: الرواية المشرقة والتي تتسم بأنها من الأعلى رواجاً بين رواياتي.
هي وقاهر النساء: والتي تتناول قصة هيام (الفيمنست) نصيرة حقوق المرأة مع ياسين الشهير بقاهر النساء والتي تتمتع بالمشاغبة وروح الدعابة رغم أن معظم أحداثها تدور في أروقة القضاء.
ورقة لوتري: قصة شاب مهاجر من الاسكندرية إلى نيويورك والتي تحمل ملامحا من الحقيقة مع قبسات من الخيال استلهمت بعض أحداثها من تجربتي وتجارب الآخرين في الغربة وبالأخص لبلاد العم سام.
أرجوحة العشق: وهي مستوحاة من قصص حقيقية حدثت على أرض الواقع وعايشت مع بعض شخصياها.
فوتوسيشن: وهي أحدث رواياتي وتبرز الصورة بين الحقيقة والزيف الاجتماعي وهي الأقرب تصويرا لواقع المجتمع المصري المعاصر.
وبالطبع لم يفوتني الحديث عن ديواني الثاني "لو كنت أعرف" وما ضمنته من لوحات وقصائد فيه.
كما قمت بعرضِ بعض لوحاتي ثم ألقيتُ قصيدتين من ديوان "حب ممنوع" نالا إعجاب الحضور وهما "سألتُ الحب" و"نوحي يا حمامة"
وبعدها استمعت بانصاتٍ لتجربة الكاتبة نجلاء العمري الفريدة من نوعها وكفاحها في مشوارها الأدبي التنويري لمناصرةِ حقوق المرأة وبالأخص في بلدها اليمن، ثم استمتعتُ بمشاركات شعرية وأخرى نقدية من بعض الحضور نالت إعجابي، حتى وصلنا إلى فقرة الأسئلة، والتي نمت عن ثقافةٍ ووعيٍ وا حتفاء بالأدب العربي ولاسيما ما أسماه البعض "الأدب النسائي" إن جاز التعبير، وقبيل انتهاء الأمسية وجهتُ التحية لوالدتي التي شجعتني منذ منذ الصبا المبكرعلى الكتابة، وعلمتني كيف أقدر قيمة كل كلمة كتبتها في حياتي، وأحتفظ بها فلا أمزقها ولا أهملها طيلة العمر.
وانتهت الندوة التي دامت لما يقارب الأربع ساعات مرت في لمح البصر مع وجوهٍ بشوشةٍ وقلوبٍ عامرةٍ بالمودة، وأجواءٍ يسودها السمو الفكري والثراء الأدبي.
في النهاية لا يسعدني إلا أن أختتم مقالي بكل الشكر والتقدير للأستاذ أحمد محارم الذي يعود له الفضل في تقديمي للنادي الثقافي المصري، والشكرُ موصولٌ لكلٍ من الأستاذين عصام البدري وطارق سليمان.