القصة الكاملة من طالب لجوء إلى أخطر مهربي البشر.. قصة سقوط «الكابتن أحمد»

 


 فتحي الضبع 

على مرأى من الجميع، ومن دون تدخل من السلطات الأمنية المصرية، تُنسج خيوط تنظيمات الهجرة غير النظامية من قرى مصرية، وعبر سماسرة يُعرفون بالاسم في الأرياف، تُدار رحلات الشباب المصري إلى إيطاليا، مروراً بليبيا، على مراكب صيد مصرية، ويتهرّب السماسرة من “التضييق الأمني” على السواحل المصرية، عبر اللجوء إلى ليبيا.
 مصر حدودها البحرية تماماً أمام مراكب الهجرة غير النظامية، لمنع المهاجرين من الانطلاق في الرحلة، بعدما كانت محطة انطلاق معظم الأفارقة الباحثين عن حياة جديدة بالقارة العجوز، وذلك استجابةً لاتفاقيات مع الاتحاد الأوروبي، حصلت القاهرة بمقتضاها على ملايين الدولارات، مقابل أن تتحول إلى شرطيّ البحر المتوسط، المسؤول عن منع الهجرة عبر السواحل.
ومنذ ذلك الحينِ، تفخر القاهرة بعدم خروج مركب هجرة غير نظامية من سواحلها متجهةً إلى أوروبا، فيما شهدت تدفّق المهاجرين من ساحل مصر الشمالي تراجعاً حاداً منذ أواخر عام 2016، وفق تقارير أوروبية، لكن أعداد المهاجرين المصريين الذين يصلون إيطاليا ظلّت فيجيب د. أيمن زهري، رئيس “الجمعية المصرية لدراسات الهجرة”، على السؤال الذي يحيّر الجميع “لماذا تغرق مراكب الهجرة غير النظامية حتى قبل أن تصل؟”، بقوله: “جميع مراكب الهجرة سيئة وغير مجهزة والاحتمال الأٌقرب أن تغرق، أو تتوقف في منتصف الطريق ولا تستطيع إكماله، وذلك لأنّها مراكب هالكة، فترة صلاحيتها انتهت وخرجت من الخدمة، يستخدمها المهربون لتكون هذه آخر رحلة لها، لأنها لن تعود مرة أخرى، فحين تصل ستتم مصادرتها، بخلاف الحمولة العالية التي تفوق طاقتها الاستيعابية”


أصدرت محكمة بريطانية حكماً بالسجن لمدة 25 عاماً على صياد سابق طالب لجوء، يُدعى أحمد عبيد، بتهمة إدارة شبكة لتهريب البشر بقيمة 12 مليون جنيه إسترليني من شقة ممولة من دافعي الضرائب في لندن.

الرجل المولود في مصر، والبالغ من العمر 42 عاماً، نظم عمليات تهريب لنحو 3800 مهاجر إلى أوروبا عبر قوارب وصفت بـ«مصايد الموت»، مستغلاً يأس المهاجرين، بما في ذلك النساء والأطفال.

عبيد، الملقب بـ«الكابتن أحمد» على «فيسبوك»، كان يدير عملياته من شقة فاخرة في منطقة إيزلوورث الراقية بلندن، حيث حصل على السكن في أكتوبر 2022 بعد طلب اللجوء في بريطانيا.


وفقاً لتقارير صحفية بريطانية وموقع «mail online»، كشفت التحقيقات أن عبيد سبق أن سُجن في إيطاليا لمدة 6 سنوات بتهمة محاولة تهريب طن من الحشيش.
بين أكتوبر 2022 ويونيو 2023، نظم 7 رحلات خطيرة من شمال أفريقيا إلى إيطاليا، وكان يفرض رسوماً باهظة على المهاجرين مقابل عبورهم.

وأثارت تعليماته المروعة لشركائه بقتل أي مهاجر يُضبط بحوزته هاتف محمول وإلقاء جثته في البحر صدمة واسعة.

تم القبض على عبيد بعد أن ربطت التحقيقات رقم هاتفه في لندن بهواتف فضائية استُخدمت لإجراء مكالمات استغاثة إلى خفر السواحل الإيطالي.

وفي يونيو 2023، داهمت الوكالة الوطنية لمكافحة الجريمة (NCA) منزله وكشفت عن أدلة قاطعة كشفت عن حجم شبكته الإجرامية
 وأجرت الوكالة الوطنية لمكافحة الجريمة في بريطانيا عملية تنصت على منزل عبيد، كشفت أنه أخبر في إحدى المرات أحد شركائه أنه لا يسمح للمهاجرين بحمل الهواتف على متن قواربه.

وقال عبيد: "أخبرهم أن أي شخص يمسك وبحوزته هاتف سيقتل ويلقى به في البحر".

وأقر عبيد العام الماضي بالذنب في اتهامه بالتواطؤ للمساعدة في الهجرة غير الشرعية، وقضت محكمة ساذارك كراون بسجنه 25 عاما.

وقال القاضي آدم هيدلستن، إن عبيد وشركاءه "استغلوا باستهزاء وبلا رحمة" أولئك الساعين للوصول إلى أوروبا.

وأضاف القاضي: "كان أسلوب معاملة المهاجرين بناء على أوامرك وباسمك مروعا. كانوا بالنسبة لك ببساطة (مجرد) سلعة. تحدثتم عنهم بوصفهم وحدات لا أشخاص. كان المهم بالنسبة لكم هو أن يدفع كل واحد منهم الثمن الباهظ الذي كان يفرض عليهم مقابل عبورهم، وألا يقدم أحدهم على فعل أي شيء من شأنه أن يعرض عمليتكم للخطر".