ردع الإيراني يحطم العنجهية الإسرائيلية الأمريكية ... بقلم د.محمد كمال علام
صوفيا
بعد وقف إطلاق النار بين إيران وإسرائيل والولايات المتحدة، يدخل الشرق الأوسط مرحلة جديدة من الترقب والاصطفاف السياسي والعسكري. فيما يلي تحليل شامل للأحداث ونتائج الردع الإيراني على المستويين الآني والمستقبلي
أولاً: المشهد العام بعد وقف إطلاق النار
1. تراجع التصعيد العسكري المباشر:
تم وقف الهجمات الجوية والصاروخية.
عودة بعض القوات إلى قواعدها.
تهدئة حذرة على الجبهات، مع بقاء الاستعدادات العسكرية في أعلى درجاتها.
2. تحركات دبلوماسية مكثفة:
دخول أطراف مثل روسيا والصين وتركيا على خط التهدئة.
جهود أوروبية لتثبيت الهدنة وتحويلها إلى اتفاق دائم.
3. مفاوضات غير معلنة:
اتصالات عبر وسطاء في سلطنة عمان، قطر، وربما العراق.
ملفات التفاوض تشمل: البرنامج النووي الإيراني، مستقبل حزب الله، وجود القوات الأمريكية في العراق وسوريا.
✅ ثانياً: نتائج الردع الإيراني (الآنية)
1. كسر هيبة الردع الإسرائيلي الأمريكي:
إيران أثبتت قدرتها على ضرب تل أبيب ومواقع استراتيجية في إسرائيل.
تعرض قواعد أمريكية في الخليج والعراق لهجمات أثبت أن إيران قادرة على إيذاء المصالح الأمريكية.
2. تغيير قواعد الاشتباك:
ما بعد الحرب ليس كما قبلها: أصبح من الواضح أن أي استهداف لإيران سيقابل برد فوري وموجع.
3. رفع مكانة إيران إقليمياً:
محور المقاومة (إيران – حزب الله – الحوثيون – حركات المقاومة الفلسطينية) خرج بقوة معنوية عالية.
حلفاء أمريكا في المنطقة بدأوا بإعادة حساباتهم.
4. ارتفاع التوتر الداخلي في إسرائيل:
خسائر بشرية ومادية كبيرة.
صدمة في الشارع الإسرائيلي وضغط على الحكومة.
ثالثاً: النتائج المستقبلية المتوقعة
1. سياسياً:
إيران ستفاوض من موقع قوة في الملف النووي.
قد تتجه بعض الدول العربية لإعادة تقويم علاقاتها مع طهران (مثل الإمارات أو قطر).
احتمالية تراجع النفوذ الأمريكي في بعض مناطق الشرق الأوسط مقابل صعود روسي/صيني.
2. عسكرياً:
إسرائيل ستعيد هيكلة منظوماتها الدفاعية وتراجع عقيدتها العسكرية.
إيران ستواصل تطوير قدراتها الصاروخية والمسيّرات، وقد تبدأ بإنشاء تحالفات أمنية إقليمية (مثلاً مع العراق أو سوريا أو دول آسيا الوسطى).
3. اقتصادياً:
أسعار النفط قد تستقر بعد ارتفاعها خلال الحرب، لكنها ستبقى تحت تهديد أي تجدد في الاشتباكات.
العقوبات على إيران قد تخف تدريجياً إذا تحركت أوروبا للتقارب مع طهران.
4. إعلامياً ونفسياً:
محور المقاومة سيستثمر “الانتصار النسبي” إعلامياً لتعزيز معنوياته.
الخطاب الصهيوني تلقى ضربة، مما سيؤثر على صورة إسرائيل في الغرب.
رابعاً: التحديات المقبلة
هل ستقبل أمريكا بالتوازن الجديد؟ أم تعمل على “احتواء” الردع الإيراني من خلال العقوبات والضغوط الناعمة؟
هل تدخل إسرائيل مرحلة تفكك سياسي داخلي قد تصل إلى انتخابات مبكرة أو اضطرابات داخلية؟
هل تنجح إيران في الحفاظ على هذا الردع دون التورط في حرب استنزاف جديدة؟
خلاصة التحليل
رد إيران العسكري حقق توازن ردع حقيقي لأول مرة منذ عقود. وقد تغيرت موازين القوى، لكن التحدي الآن يكمن في إدارة هذا الردع وعدم فقدانه، مع الاستعداد لأي محاولة أمريكية أو إسرائيلية للرد بشكل غير مباشر (مثلاً عبر الاغتيالات أو العقوبات أو الحرب بالوكالة).
المنطقة أمام خيارين:
1. تثبيت معادلة الردع وبناء نظام إقليمي جديد يقوم على التوازن.
2. أو العودة إلى حرب الظل والمواجهات بالوكالة.
الكرة الآن في ملعب الدبلوماسية… لكن البندقية ما زالت حاضرة.
مدير المركز العربي للدراسات والاعلام في صوفيا بلغاريا