منسقة الأمم المتحدة: مصر تواجه التحديات السكانية بمبادرات طموحة مثل "مودة" و"بداية"


القاهرة 

فتحي الضبع 

قالت المُنسقة المُقيمة للأمم المتحدة في مصر، إلينا بانوفا، إن مصر تواصل البناء على إرثها القيادي فيما يتعلق بمعالجة التحديات السكانية، والذي يمتد منذ عقد المؤتمر الدولي للسكان والتنمية في القاهرة في عام 1994، لافتة إلى أهمية المبادرات التي أطلقتها مصر، ومن بينها المبادرة الرئاسية "بداية من أجل مصر" ومبادرة "مودة" وهو ما يعكس التزاما جريئا ورؤية تضع الإنسان في القلب من مسيرة التنمية الشرية. 

جاء هذا في كلمة ألقتها المُنسقة المُقيمة للأمم المتحدة في مصر، خلال الاحتفال بيوم السكان العالمي، والذي نظمته وزارة الصحة والسكان بالتعاون مع صندوق الأمم المتحدة للسكان، تحت شعار "تمكين الشباب لتكوين الأسر التي يرغبون بها في عالم عادل ومليء بالأمل"، وبحضور متنوع ضم ممثلين عن المجموعة الوزارية للتنمية البشرية تحت مبادرة "بداية،" والشركاء التنمية والجهات المانحة وخبراء الديموغرافيا والصحة الإنجابية، والشباب والمجتمع المدني.

وشهدت الفعالية مشاركة الدكتور خالد عبد الغفار، نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الصحة والسكان، والسيد إيف ساسينراث، ممثل صندوق الأمم المتحدة للسكان في مصر، والدكتورة عبلة الألفي، نائب وزير الصحة والسكان لشئون السكان وتنمية الأسرة، ورئيسة المجلس القومي للسكان، واللواء خيرت بركات، رئيس الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء و بالإضافة إلى الإعلامي أسامة كمال.

وقالت المسؤولة الأممية الأعلى في مصر إن اليوم العالمي للسكان لهذا العام يأتي في ظل لحظة من الهشاشة العميقة، لافتة إلى أن الأزمات حول العالم لم تعد منعزلة، بل تتداخل وتنتشر وتتغذى على بعضها البعض. وقد وصلت الصراعات المسلحة في عام 2024 إلى مستوى ما بعد الحرب، ما أوقف مسارات التنمية في مناطق بأسرها. كما تحوّل تغير المناخ من تهديد بعيد إلى اضطراب يومي. وفي الوقت ذاته، من المتوقع تقلص التمويل التنموي بنحو 40%، بينما يواصل ارتفاع تكلفة المعيشة تقويض معيشة الأكثر ضعفا.  ولهذا، قالت بانوفا إن الأمم المتحدة تتكيف مع الضرورة؛ ضرورة أن تصبح أسرع، أكثر رشاقة وترابطاً، لافتة إلى أن النظم التي اعتمدنا عليها طوال ثمانين عاماً باتت تحت ضغوط غير مسبوقة، ولا يمكننا أن نحميها من الانهيار إلا من خلال العمل المشترك والدؤوب.

وأشادت بانوفا بـ"نموذج قوي للقيادة الاستشرافية" تقدمه مصر، موضحة أنه من خلال مبادرة “بداية من أجل مصر” الرئاسية، تقود الحكومة مسيرة التنمية البشرية بالتزام جريء في مجالات التعليم والصحة والحماية الاجتماعية وخلق فرص العمل. وقالت إن هذه الرؤية التي تضع الإنسان في القلب تتناغم مع رؤية مصر 2030 وتوجهات أجندة التنمية المستدامة للأمم المتحدة، كما أنها متجذّرة في إرث القيادة الوطني منذ مؤتمر القاهرة الدولي للسكان والتنمية عام 1994، الذي انعقد في القاهرة.


وقالت المُنسقة المُقيمة للأمم المتحدة في مصر، إن تقرير حالة سكان العالم 2025 يُشير إلى ما يسميه "أزمة الخصوبة الحقيقية"، وهي ليست أزمة أرقام، بل أزمة آمال غير مُلباة—حيث يُحرم الكثيرون من تحقيق طموح الإنجاب بسبب حواجز خارج إرادتهم.

ولفتت إلى الدراسات الوطنية المصرية، بما فيها نتائج المسح الوطني لصحة الأسرة EFHS 2021، والذي يؤكد ما جاء في تقرير حالة سكان العالم 2025؛ لا سيما من خلال تأثيرات عدم الاستقرار الاقتصادي ومخاوف المستقبل وصعوبات إيجاد شركاء مناسبين والثغرات في جودة الخدمات وعدم المساواة بين الجنسين والأعراف الاجتماعية التي تقيّد خيار الإنجاب.

غير أن المُنسقة المُقيمة للأمم المتحدة قالت إن مصر تستجيب بالفعل لهذه التحديات. وأوضحت: تتيح مبادرات مثل ’مودة‘ الدعم والمعرفة للأسر لاتخاذ قرارات إنجابية مستنيرة. وفي الوقت ذاته، تساهم مرونة الاقتصاد، المثبتة من خلال لاستراتيجية الوطنية المتكاملة للتمويل من أجل التنمي ، في دعم جهود مبادرة ’بداية‘ الطموحة".

وأكدت بانوفا أن معالجة هذه التحديات المتشابكة هو مسألة جوهرية، لأن الحقوق الإنجابية لا تتعلق بكرامة الأفراد فحسب، بل ترتبط ارتباطاً وثيقاً بالتنمية المستدامة والتقدّم الوطني والاستقرار الاجتماعي.

وتوجهت المسؤولة الأممية بحديثها إلى الشباب الحاضرين في الفعالية، قائلة: "أصواتكم وخياراتكم ومستقبلكم مهمون. أنتم لستم مجرد مراقبين لمسيرة التنمية في مصر، بل أنتم شركاء في بناء تلك المسيرة تشكيل المستقبل بكل قرار تتخذونه."

وأعربت بانوفا، بوصفها المُنسق المُقيم للأمم المتحدة في مصر عن فخرها بعمل الأمم المتحدة جنبا إلى جنب مع الحكومة المصرية في هذا المسار المشترك.

وقالت إن إطار التعاون من أجل التنمية المستدامة يتماشى بالكامل مع رؤية مصر 2030، وهو يدعم مبادرة "بداية" عبر بناء رأس المال البشري، وتعزيز النمو الشامل، وتقدّم المساواة بين الجنسين، وتعزيز الحوكمة المستدامة وإدارة الموارد الطبيعية.

وأضافت أن "هذه الجهود تعكس التزامنا الجماعي بمستقبل لا يُهمل أحدا. كما أن تزداد هذه الجهود قوة بفضل الميزات المُقارنة التي تتمتع بهذا الأمم المتحدة والتي تشمل الدعم السياسي المتكامل، والخبرة الفنية، والمساعدة الموجهة للفئات الأشد ضعفاً، وكون الأمم المتحدة قوة جامعة قادرة على حشد الفاعلين معا في القضايا المشتركة."

وأوضحت بانوفا أن هذه القدرة على الحشد تتجلى اليوم في توقيع المجلس القومي للسكان ووزارة التنمية المحلية مذكرة تفاهم محورية، ما يعكس نوع التعاون بين الوزارات اللازم لتوطين التنمية وتحقيق تغيير ملموس على المستوى المحلي.

ولعل تجمعنا اليوم، إلى جانب فريق وزارة التنمية البشرية، والشباب، وعائلة الأمم المتحدة وشركائنا، هو انعكاس واضح للتزام مصر الدائم نحو مستقبل شامل، مرن، ويركّز على كرامة الإنسان.