موت الضمير العربي في قضيةاهل غزة بقلم الدكتور محمد كمال علام

 


صوفيا

تحليل شامل إعلامياً وسياسياً حول المجازر الإسرائيلية المستمرة بحق الشعب الفلسطيني، وأدوار الفاعلين العرب والإقليميين بين من يساعد حقيقة، ومن يكتفي بالشعارات، ومن تخاذل تماماً

 أولاً: المجازر الإسرائيلية المستمرة — السياق العام

منذ اندلاع العدوان الأخير على غزة والضفة الغربية، وإسرائيل تمارس سياسة الأرض المحروقة ضد المدنيين الفلسطينيين، مستخدمة

قصف جوي وبري مكثف وعشوائي على مناطق سكنية

استهداف المستشفيات والمدارس والبنى التحتية

استخدام سياسة التجويع والحصار والعقاب الجماعي

كل هذا يتم على مرأى ومسمع من العالم، وبغطاء أمريكي وغربي، وتواطؤ أو صمت عربي رسمي

 ثانياً: من يساعد حقيقةً الشعب الفلسطيني؟

 إيران

دعماً مالياً وعسكرياً عبر "محور المقاومة" (حماس، الجهاد، حزب الله)

رسائل واضحة لإسرائيل: "لن نترك غزة وحدها"

لعبت دورًا في تفعيل جبهات متعددة (جنوب لبنان، سوريا، العراق، اليمن) لخلق ضغط 

استراتيجي على إسرائيل

 حزب الله (لبنان)

مشاركة مباشرة بقصف شمال إسرائيل

استنزاف الجيش الإسرائيلي على الحدود

تكبيد إسرائيل خسائر بشرية ومادية

ولكن اغتالت اسرائيل كل القيادات والكودر وازلوا من المعادلة مؤقت

اليمن (أنصار الله/الحوثيون)

إطلاق صواريخ ومسيرات طويلة المدى باتجاه أهداف إسرائيلية

قطع خطوط الملاحة المرتبطة بإسرائيل عبر البحر الأحمر

 الجزائر

موقف سياسي ودبلوماسي قوي وداعم

رفض التطبيع بشكل قاطع

دعم القضية في المحافل الدولية

 ثالثاً: من يساعد فقط بالشعارات أو البيانات؟

 قطر

دعم إعلامي قوي عبر قناة الجزيرة

دعم مالي محدود لغزة عبر الأمم المتحدة

لكن الامتناع عن التصعيد السياسي الحقيقي أو سحب الاعتراف بإسرائيل

 الأرد

انتقادات ناعمة وبيانات دبلوماسية

لكن وجود علاقات أمنية وسياسية متينة مع إسرائيل

رفض واضح للتصعيد الشعبي داخل المملكة

 تونس والمغرب

بيانات دعم رسمية

ضغط شعبي كبير

لكن وجود علاقات أو تطبيع جزئي (المغرب) يقلل من التأثير السياسي الحقيقي

 رابعاً: من تواطأ أو تخاذل؟

 مصر

دور الوسيط، لكنه يُتهم بالضغط على المقاومة من أجل التهدئة أكثر من دعمها

غلق معبر رفح لفترات طويلة بحجة "أمنية"، مما يزيد من حصار غزة

ممكن ان نفهم ان مصر اكثر دولة تساعد علي عدم تمكين اليهود بطرد الفلسطنين من ارضهم الي  سينا برغم المغريات بدفع مليارات الدولارات الي مصر وتسديد ديوانها بالكامل

 غياب خطاب سياسي أو دبلوماسي حاسم ضد المجازر

  ولكن يجب اظهار المساعدات السرية الي فلسطين والتي اسرائيل  اتهمت مصر رسميا

بها

حتي يعلم الجميع الدور المصري العظيم

 السعودية

صمت رسمي في بداية الحرب

تحركات شكلية لاحقاً بسبب الضغط الشعبي

الاستمرار في مسار التطبيع والتقارب مع واشنطن وتل أبيب

 الإمارات

استمرار التطبيع الكامل مع إسرائيل

استقبال مسؤولين إسرائيليين خلال المجازر

موقف إعلامي باهت بل ومُهادن

البحرين

تجاهل إعلامي ودبلوماسي شبه كامل

استمرار العلاقات مع إسرائيل دون مراجعة رغم الغضب الشعبي

 خامساً: التناول الإعلامي العربي

الإعلام المقاوم (المنار، الميادين، الجزيرة نسبياً): يُسلط الضوء على الجرائم الإسرائيلية

الإعلام الممول خليجياً (العربية، سكاي نيوز): يركز على خطاب التهدئة، وأحياناً يُساوي بين الضحية والجلاد

مواقع التواصل أصبحت منصة مقاومة شعبية، لكنها تتعرض للحذف والتضييق

 الخلاصة

الفئة الدول/الجهات

دعم حقيقي سياسي/عسكري إيران، حزب الله، الحوثيون، الجزائر

دعم رمزي أو إعلامي فقط قطر، الأردن، المغرب، تونس

 متخاذلون أو متواطئون، السعودية، الإمارات، البحرين

 التوصية السياسية والإعلامية

كشف وتعرية المتخاذلين إعلاميًا أمام الشعوب

دعم الإعلام البديل المقاوم

تصعيد شعبي في الدول العربية ضد التطبيع

دعم المقاطعة الاقتصادية والثقافية

دور مصر – شعبًا وقيادة – في دعم القضية الفلسطينية منذ النكبة عام 1948، يُعد أمرًا مهمًا لفهم طبيعة الصراع العربي الإسرائيلي ومكانة فلسطين في الوجدان المصري

أولاً: السياق التاريخي – من النكبة إلى اليوم

منذ إعلان قيام الكيان الصهيوني في 15 مايو 1948 على أنقاض الوطن الفلسطيني، اعتبرت مصر، رسميًا وشعبيًا، أن القضية الفلسطينية قضية مركزية، تتعلق بالأمن القومي العربي والإسلامي، وبالكرامة والعدالة التاريخية

ثانيًا: دور الشعب المصري

الشعب المصري لم ينتظر توجيهات رسمية لدعم فلسطين

والضباط الأحرار، وشباب الأزهر والجامعات، التحقوا بجبهات القتال في فلسطين

التبرعات الشعبية: جُمعت الأموال، والذهب، والطعام لدعم اللاجئين والمجاهدين

الفن والإعلام: شارك في التوعية بالقضية، من أم كلثوم إلى عبد الحليم حافظ، ومن يوسف شاهين إلى صلاح جاهين

ثالثًا: دور الحكومات والرؤساء المصريين

 الملك فاروق (حتى 1952)

دخل الجيش المصري الحرب في 1948 دفاعًا عن فلسطين

لكن التواطؤ البريطاني والصهيوني، وضعف التنسيق العربي، أدّيا إلى النكسة الأولى

رغم ذلك، سقط مئات الشهداء المصريين في المعارك

 جمال عبد الناصر (1954 – 1970)

أيقونة الدفاع عن فلسطين

دعم الفدائيين، واحتضن منظمة التحرير الفلسطينية، وأمدّها بالسلاح والتدريب

خاض حرب 1967 التي انتهت بنكسة كبرى، واحتلال الضفة وغزة وسيناء

رغم الهزيمة، كان يرى تحرير فلسطين هدفًا مصيريًا

قال: "ما أُخذ بالقوة لا يُسترد إلا بالقوة"

أنور السادات (1970 – 1981)

خاض حرب أكتوبر 1973 لاسترداد سيناء، لكنها كانت أيضًا لتحريك القضية الفلسطينية

الحرب أحدثت صدمة استراتيجية لإسرائيل، وأعادت العرب لطاولة التفاوض

لكن توقيع اتفاقية كامب ديفيد 1978، شكّل بداية تحول في الموقف المصري الرسمي

انسحبت مصر من دائرة الصراع المباشر، ما أثار غضب الفلسطينيين والعرب

حسني مبارك (1981 – 2011)

دعم القضية بالكلمات، لكنه حافظ على السلام البارد مع إسرائيل

توسط أحيانًا بين الفصائل الفلسطينية، خصوصًا في ملفات الانقسام وقطاع غزة

أغلق معبر رفح لفترات طويلة، وأدار السياسة بميزان المصالح الغربية

بقاء الوضع على ما هو عليه خدم الاحتلال أكثر من الفلسطينيين

5. المجلس العسكري ومحمد مرسي (2011 – 2013)

مرسي عبّر عن دعم صريح لغزة،ولكن مقولته الشهيرة صديقي العزيز رابين  وارد ان يوطن الفلسطنين في سينا واقال مدير المخابرات لرفضه التوطين    وفتح المعابر بشكل كبير

استُقبل قادة حماس رسميًا، وشاركت مصر في التهدئة عام 2012

لكن سرعان ما تغير الموقف بعد عزل مرسي، واعتُبر التقارب مع حماس تهديدًا للأمن المصري

6. عبد الفتاح السيسي (2014 – الآن)

دعم التسوية السياسية، وطرح "صفقة القرن المصرية" التي رفضها الفلسطينيون

لعبت القاهرة دور الوسيط بين حماس وإسرائيل في الحروب (2014 – 2021 – 2023)

أرسلت مساعدات إنسانية، وأسهمت في إعمار غزة

لكن العلاقة مع حماس ظلت مشحونة بسبب ارتباطها بالإخوان المسلمين

أكد السيسي مرارًا على "حل الدولتين" ورفض التهجير القسري للفلسطينيين إلى سيناء

رابعًا: نقاط القوة والضعف في الموقف المصري

نقاط القوة

مصر كانت وما زالت بوابة العرب لفلسطين

قدرات الجيش المصري كانت عامل توازن في الصراع

الموقع الجغرافي والرمزية التاريخية

نقاط الضعف

تغيّر أولويات الدولة المصرية بعد 1979

الضغوط الاقتصادية والسياسية قلّصت هامش المناورة

التناقض بين الموقف الشعبي والموقف الرسمي أحيانًا

خامسًا: الموقف الشعبي مقابل الرسمي

الشعب المصري لا يزال مؤمنًا بأن فلسطين قضيته. من التظاهرات إلى مواقع التواصل، من دعم الأسرى إلى حملات التبرع لغزة

في المقابل، تراوحت المواقف الرسمية بين الدعم الكامل (في عهد ناصر) إلى الحياد النسبي (في عهد مبارك والسيسي)

خلاصة التحليل

القضية الفلسطينية كانت ولا تزال أحد محاور السياسة المصرية

تغيرت طريقة الدعم وفقًا للمرحلة، لكن ظلت فلسطين في عمق الوجدان المصري الشعب المصري هو 

الضامن الحقيقي لاستمرار الدعم، حتى لو تغيّرت الحكومات والسياسات 

د\محمد كمال علام

مدير المركز العربي للدراسات والاعلام في صوفيا بلغاريا