الحكماء" تتهم إسرائيل بارتكاب إبادة جماعية في غزة وتحذر: الصمت الدولي تواطؤ
القاهرة
فتحي الضبع
في ختام زيارة استمرت أربعة أيام إلى مصر، أطلقت عضوا مؤسسة "الحكماء"، رئيسة أيرلندا السابقة ماري روبنسون ورئيسة وزراء نيوزيلندا السابقة هيلين كلارك، صرخة إنسانية مدوية، اتهمتا فيها إسرائيل بارتكاب إبادة جماعية ممنهجة في قطاع غزة عبر سياسات الحصار والتجويع، محذرتين من أن المجتمع الدولي بات شريكاً في هذه الجرائم بصمته وعجزه عن التحرك.
خلال مؤتمر صحفي عقد بالقاهرة بعد جولة شملت لقاءات رفيعة المستوى وزيارة إلى مدينة العريش قرب معبر رفح، عبرت كلارك وروبنسون عن صدمتهما مما وصفاه بـ"المأساة الإنسانية غير المسبوقة". وأكدتا أن ما شاهدتاه وسمعتاه من شهادات وحقائق يثبت أن ما يجري في غزة ليس مجرد أزمة إنسانية، بل إبادة جماعية مكتملة الأركان.
هيلين كلارك شددت على أن إسرائيل تمارس سياسة تجويع ممنهجة عبر عرقلة دخول المساعدات الإنسانية، مشيرة إلى شهادات حول قتل مدنيين بينهم أطفال أثناء محاولتهم الحصول على الغذاء، فضلاً عن منع الدواء والتدمير المتعمد للمرافق الصحية. وأضافت أن الشهر الماضي وحده شهد وفاة 36 طفلاً جوعاً، في وقت ينهار فيه النظام الصحي بشكل كارثي. وكشفت أن معدل المواليد في غزة انخفض بنسبة تفوق 40% خلال النصف الأول من عام 2025 مقارنة بالأعوام السابقة، في مؤشر على تهديد وجودي لجيل كامل.
أما ماري روبنسون فقد اتهمت إسرائيل بخرق واضح لاتفاقية منع الإبادة الجماعية لعام 1948، محذرة من أن الحكومات التي لا تستخدم نفوذها لوقف ما يجري "تغدو متواطئة بالصمت". ووجهت رسالة مباشرة إلى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، مؤكدة أن لديه النفوذ الكافي لإجبار إسرائيل على تغيير المسار، "لكن السؤال هو: هل يمتلك الإرادة؟".
التقرير الذي قدّمته عضوا "الحكماء" تضمن أيضاً مشاهدات ميدانية، أبرزها وجود كميات ضخمة من مواد الإيواء والخيام المكدسة في مدينة العريش منذ مارس الماضي، لم يسمح بدخولها إلى غزة، ما ترك آلاف العائلات بلا مأوى في ظل تدمير المنازل واستمرار القصف، بينما يواجه نحو 96% من السكان أزمة حادة في الحصول على مياه شرب آمنة.
وفي ختام المؤتمر، طالبت كلارك وروبنسون بسلسلة من الإجراءات الدولية العاجلة، في مقدمتها وقف إطلاق النار الفوري، والإفراج المتبادل عن الرهائن والسجناء، وفتح جميع المعابر دون قيود، ووقف توريد الأسلحة لإسرائيل، إلى جانب فرض عقوبات على رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ومجلسه الأمني. كما دعتا الاتحاد الأوروبي لتعليق اتفاقية الشراكة التجارية مع تل أبيب، وحثتا دولاً عدة على الاعتراف بدولة فلسطين بحلول سبتمبر المقبل، مرحبتين بخطوة أستراليا في هذا الاتجاه.