المصريون في الخارج: قوة ناعمة مُهملة... وكلمة حق في حق الوزيرة عائشة عبد الهادي"



بقلم المهندس طارق عنانى 

رغم أهمية الدور الذي يلعبه المصريون بالخارج في دعم الاقتصاد الوطني وتعزيز صورة مصر عالميًا، لا يزال شعور التهميش يطارد قطاعًا واسعًا منهم، خاصة في ظل غياب تواصل فعّال ومستمر من مؤسسات الدولة، وعلى رأسها وزارة الهجرة.

في هذا السياق، لا بد من كلمة حق في حق الوزيرة السابقة عائشة عبد الهادي، التي ورغم أنها لم تكن وزيرة للهجرة، تميزت بقربها الحقيقي من أبناء الطبقة العاملة، داخل مصر وخارجها. كانت تستمع إليهم، تتفاعل معهم، وتسعى لحل مشكلاتهم بصدق وشفافية. كثير من المصريين في الخارج – خاصة ممن يعملون في ظروف صعبة ويرسلون كل ما يكسبونه لدعم ذويهم – شعروا بأن هناك من يراهم ويقدر تضحياتهم.

لكن للأسف، هذا القرب الإنساني ظل استثناء لا قاعدة. فالكثير من وزراء الهجرة الذين تعاقبوا على المنصب اكتفوا بأدوار بروتوكولية أو تواصل رسمي محدود، دون الغوص فعليًا في معاناة المصريين في الخارج أو الاستماع لصوتهم الحقيقي.

رغم وجود وزارة معنية بشؤونهم، تبقى مشكلات أساسية بلا حلول واضحة: صعوبات في تجديد الأوراق الرسمية، عراقيل في استصدار أو استعادة الجنسية، غموض حول الضرائب، تعقيدات تتعلق بتعليم الأبناء، ونقص الدعم للاستثمارات المحتملة في مصر.

الإعلام الرسمي بدوره لا يعكس واقع المصريين بالخارج. نادرًا ما نرى تسليطًا للضوء على إنجازاتهم العلمية أو الثقافية أو الاقتصادية، أو حتى على معاناتهم الحياتية. والنتيجة؟ كثيرون منهم يشعرون بأنهم خارج "الصورة" وخارج "الوطن"، كأنهم ليسوا جزءًا من المشهد العام.

عند زيارتهم لمصر، يتعرض البعض لمعاملة بيروقراطية متعسفة أو لسوء فهم، بل أحيانًا لعدم تقدير لما حققوه في الخارج، مما يعزز لديهم الإحساس بأنهم "مش من هنا ولا من هناك".

الأكثر إيلامًا أن هناك فئة داخل المجتمع ترى أن من سافر "ترك البلد"، وكأن الوطنية مرتبطة بالبقاء فقط. في حين أن الحقيقة أن معظم المصريين في الخارج يبذلون جهدًا جبارًا لدعم أهلهم واقتصاد بلدهم بتحويلات تُعد من أكبر مصادر النقد الأجنبي للدولة.

ورغم أحقيتهم في المشاركة السياسية، يجد كثير منهم صعوبات في التصويت أو يظنون أن أصواتهم لا تُحدث فرقًا. أما الخدمات القنصلية والتوثيق، فغالبًا ما تُحاط بالبيروقراطية، مما يشعرهم بالإقصاء بدلًا من التقدير.

المصريون بالخارج ليسوا فقط مصدّرًا للعملة الصعبة، بل هم قوة ناعمة هائلة، تضم علماء، رجال أعمال، فنانين، ومثقفين ذوي تأثير عالمي. تجاهلهم في مؤتمرات كبرى مثل "مؤتمر المصريين بالخارج" أو تغييب رموزهم، يرسل رسالة سلبية تُضعف من انتمائهم وشعورهم بالتقدير.

إن إعادة بناء جسور الثقة بين الدولة والمصريين في الخارج لم تعد رفاهية، بل ضرورة وطنية. فهؤلاء ليسوا مجرد "مغتربين"، بل سفراء لمصر في العالم، وركيزة أساسية في مستقبلها الاقتصادي والاجتماعي.

أمين عام الجمعية النرويجية للعدالة والسلام

أمين أمانة شؤون المصريين بالخارج – حزب مستقبل مصر