طالبة هولندية تختفي في أوغندا: لغز يلاحق عائلتها منذ أكتوبر 2015
كانت بداية الحكاية في صباح الاثنين، 31 أغسطس 2015، حين هبطت الطالبة الهولندية صوفيا كوتسيير في أوغندا، مليئة بالحماسة لمغامرة جديدة. صوفيا، ابنة الحادية والعشرين، أنهت دراستها في الطب بجامعة أمستردام بتفوق، وحلمت بأن تخصّص حياتها في طب المناطق الحارة وأن تصبح طبيبة نساء تخدم المجتمعات الأكثر حاجة.
اختارت العمل في مستشفى لوباغا بالعاصمة كمبالا لشهرين، وكانت رسائلها إلى عائلتها في هولندا تفيض بالطاقة والحب للحياة الأفريقية. كتبت في إحدى رسائلها: “أكاد أقرر البقاء هنا، لأن كل شيء يبدو مريحًا جدًا!”. بدا وكأنها على أعتاب مستقبل واعد، لكن ما حدث بعد شهرين فقط قلب حياتها وعائلتها إلى كابوس طويل.
في مساء الأربعاء، 28 أكتوبر 2015، توجّهت صوفيا مع زميلتين ومرشد سياحي إلى حديقة شلالات مورشيسون الوطنية، حيث كان من المقرر أن يقضوا الليلة في مركز طلابي داخل المحمية. وصلت المجموعة قرابة السادسة مساءً، وبعد لحظات قليلة، اختفت صوفيا دون أثر.
بدأ البحث قبل حلول الظلام لكن دون جدوى، ومع بزوغ شمس اليوم التالي ظهرت خيوط لغز محيّر. على ضفاف النهر عُثر على بعض أغراضها مبعثرة على امتداد يزيد على أربعين مترًا: حذاء واحد، قطعة ممزقة من سروالها مربوطة بخشب، وملابسها الداخلية معلقة على غصن شجرة على ارتفاع خمسة أمتار، في مشهد بدا وكأن يدًا خفية رتّبته بعناية. لم يكن هناك جثة، ولا دماء، ولا أي علامة على صراع أو هجوم. حتى النسور التي تترقب الجثث في البرية لم تُبد أي اهتمام بالمكان.
رغم هذه التفاصيل الغريبة، سارعت السلطات الأوغندية إلى طرح فرضية "حادث مأساوي". قيل إنها ربما سقطت في النهر، أو هاجمها تمساح، أو حتى أقدمت على الانتحار. لكن عائلتها رفضت تلك الروايات بشكل قاطع، مشيرة إلى أن صور الأغراض لم تحمل أي أثر لغمرها بالماء، وأن خبراء جنائيين رأوا في المشهد دلائل على تلاعب بالأدلة.
الأكثر إثارة للريبة أن الكلاب البوليسية لم تُمنح رائحة صوفيا لتتبعها، كما لم يُسجَّل من دخل أو خرج من المركز الطلابي تلك الليلة، ولم يخضع أي شخص لتحقيق جاد. أما مقتنياتها الشخصية، من هاتف وجواز سفر وبطاقة مصرف، فقد بقيت داخل أمتعتها، ما يعزز الاعتقاد بأنها لم تكن تخطط للخروج بعيدًا.
بالنسبة لعائلتها، لم يكن هناك أي احتمال للانتحار. كانوا يعرفون صوفيا كفتاة مليئة بالطموحات، ترى المستقبل مفتوحًا أمامها، لا مكان فيه لليأس. ومنذ ذلك اليوم، أصبح تاريخ الثامن والعشرين من كل شهر رمزًا للألم، تصفه العائلة بأنه "طعنة جديدة في القلب".
ورغم مرور السنوات، لم يظهر أثر لصوفيا، ولا إجابة تقطع الشك باليقين. بقي السؤال معلّقًا: هل كانت ضحية جريمة مدبّرة؟ هل طُمست الأدلة عمدًا لإخفاء الحقيقة؟ أم أن السر ما زال يختبئ في أعماق حديقة مورشيسون، حيث اختفت شابة جاءت تحمل حلمًا… ولم تعد أبدًا؟