طرابلس تستعيد نبضها الثقافي بمعرض النيابة العامة الدولي للكتاب: نحو عدالة رقمية وثقافة قانونية منفتحة
طرابلس
فتحي الضبع
بعد سنواتٍ من الاضطرابات والصراعات التي أنهكت المشهد الثقافي الليبي، تشهد البلاد حراكاً متزايداً يعكس عودة الوعي والفكر إلى الساحة العامة. فالمكتبات تُعيد فتح أبوابها، والمهرجانات الأدبية والعلمية تتوالى في أكثر من مدينة، في مؤشر على رغبة الليبيين في استعادة مكانة بلادهم كمركزٍ للتنوير والتبادل الثقافي في المنطقة.
وفي هذا السياق، تتواصل في العاصمة طرابلس فعاليات الدورة الثانية من معرض النيابة العامة الدولي للكتاب، المقام خلال الفترة من 15 إلى 25 أكتوبر الجاري، بمشاركة واسعة من دور نشر ومؤسسات بحث عربية ودولية، في مشهد غير مألوف يجمع بين القضاء والثقافة في مبادرة غير مسبوقة داخل مؤسسة عدلية.
ويُعدّ هذا الحدث أول تظاهرة ثقافية من نوعها تُنظّمها النيابة العامة الليبية، في خطوة تعكس توجهاً جديداً نحو دمج المعرفة القانونية بالتكنولوجيا الحديثة، ودعم جهود التحول الرقمي لمنظومة العدالة في البلاد.
وقال الدكتور خليفة عاشور، المشرف العام على وحدة التحول الرقمي بالنيابة العامة، إن ليبيا تدخل "مرحلة جديدة من بناء العدالة الرقمية"، موضحاً أن المشروع يهدف إلى رقمنة القضايا ودمج مركز البحوث الجنائية ضمن منظومة العمل القضائي، بما يعزز الشفافية ويرفع كفاءة الإجراءات القانونية.
وأضاف عاشور أن فكرة المعرض انطلقت من الحاجة إلى ربط الثقافة القانونية بالتكنولوجيا، لتصبح المنصة مكاناً مفتوحاً لنشر المعرفة القانونية الحديثة وتوسيع دائرة الوعي لتشمل المجتمع بأسره، وليس فقط المختصين في المجال.
ويرى مراقبون أن هذا الحدث يمثل تحولاً ثقافياً ناعماً يمكن أن يُعيد إلى ليبيا صورتها كدولة تسعى لتوظيف القوة الناعمة في بناء صورتها الجديدة، عبر الكتاب والثقافة والقانون، بعد سنوات من العزلة والصراعات.
ويُختتم معرض النيابة العامة الدولي للكتاب في الخامس والعشرين من أكتوبر الجاري، وسط إقبال متزايد من الزوار ومشاركة نوعية من مؤسسات نشر وبحث عربية ودولية، في إشارة واضحة إلى أن الثقافة الليبية بدأت تستعيد مكانتها، وأن العدالة قد تصبح بوابة ليبيا نحو نهضة معرفية رقمية جديدة.
