فنلندا: حادثة عنصرية في مسابقة جمال تتحول إلى أزمة سياسية ودبلوماسية

 


هلسنكي

تحولت حادثة وُصفت بالعنصرية، اندلعت داخل مسابقة جمال محلية في فنلندا، إلى أزمة سياسية ودبلوماسية ذات أبعاد دولية، بعدما تجاوزت تداعياتها الإطار الثقافي والإعلامي لتصل إلى مستويات رسمية عليا، وسط انتقادات داخلية وضغوط خارجية متزايدة.

وبدأت القضية الأسبوع الماضي عندما أعلنت الجهة المنظمة لمسابقة ملكة جمال فنلندا سحب اللقب من الفائزة سارة دزافسه، على خلفية نشرها مقطعاً على وسائل التواصل الاجتماعي ظهرت فيه وهي تقلد ملامح الآسيويين بطريقة اعتُبرت مهينة وعنصرية. وسرعان ما انتشر المقطع على نطاق واسع، مثيراً موجة غضب شعبية داخل فنلندا، وانتقادات حادة من منظمات حقوقية وشخصيات عامة.

وأشعلت الواقعة نقاشاً مجتمعياً واسعاً حول العنصرية وحدود السخرية والمسؤولية العامة للشخصيات العامة، لا سيما في ظل ما تمثله مسابقات الجمال من واجهة ثقافية للدولة في الخارج.

تداعيات خارجية وقلق دبلوماسي

ولم تقتصر تداعيات الحادثة على الساحة المحلية، إذ امتدت إلى خارج فنلندا، حيث صدرت انتقادات رسمية وغير رسمية من دول آسيوية ومن ممثلين عن جاليات آسيوية، اعتبروا ما جرى إساءة ثقافية تعزز الصور النمطية العنصرية.

وبحسب وسائل إعلام فنلندية، أعربت دوائر دبلوماسية في هلسنكي عن قلقها من تأثير الحادثة على صورة البلاد الخارجية، خصوصاً في ما يتعلق بالتزامها المعلن بقيم المساواة وحقوق الإنسان.

تدخل حكومي لاحتواء الأزمة

وفي تطور لافت، تدخل رئيس الوزراء الفنلندي بشكل مباشر، مؤكداً في بيان رسمي رفض الحكومة لأي شكل من أشكال العنصرية أو التمييز، ومشدداً على أن ما حدث لا يعكس قيم المجتمع الفنلندي. كما أشار إلى اتصالات جرت مع أطراف معنية في الخارج في محاولة لاحتواء التداعيات وطمأنة الشركاء الدوليين.

اعتذار وجدال مستمر

من جهتها، أصدرت دزافسه بيان اعتذار قالت فيه إن تصرفها كان “غير مدروس” وإنها لم تقصد الإساءة، إلا أن الاعتذار لم ينجح في تهدئة الجدل، حيث رأى منتقدون أنه جاء متأخراً ولا يعكس فهماً عميقاً لخطورة الفعل.

ولا تزال القضية تثير نقاشاً محتدماً في الأوساط السياسية والإعلامية والأكاديمية في فنلندا، وسط مطالب بتشديد المعايير الأخلاقية على الشخصيات العامة، وتعزيز التوعية بمخاطر العنصرية الثقافية في عصر الإعلام الرقمي.