لماذا تصمت الحكومات العربية على حرق القران الكريم ؟

 


هذه ليست المرة الأولى التي يدعو بلودان فيها لحرق القرآن فقد فعلها في أبريل من عام 2022 ما أدى إلى اندلاع موجهات عمت أنحاء السويد

حيث تصدرت حادثة حرق نسخة من المصحف في مظاهرة باستوكهولم دعا إليها السبت زعيم حزب "الخط المتشدد" الدنماركي اليميني المتطرف راسموس بالودان أمام مبنى السفارة التركية في العاصمة السويدية، الواجهة إعلاميا لا سيما على المستوى العربي الإسلامي الذي انتفض حيال مشهد الاعتداء هذا على مشاعر المسلمين في أنحاء المعمورة.

 قال الناطق باسم الكنيسة الأرثوذكسية الروسية، فلاديمير ليغويدا، إن عملية حرق القرآن أمام السفارة التركية في ستوكهولم، مؤخرا، هي "عمل تخريبي غير مقبول".

الكنيسة الأرثوذكسية الروسية تعلق على حادثة حرق القرآن في ستوكهولمحرق القرآن في السويد يغضب مسلمي روسيا للغاية ومطالبات بمحاسبة الفاعلين

وأضاف ليغويدا، "إن حرق المصحف في السويد بالقرب من السفارة التركية عمل تخريبي غير مقبول. لا يمكنك الاستهتار بما هو مقدس لشخص آخر. لا يمكنك تجاوز حدود الإنسانية وإهانة الأضرحة الدينية في صراع سياسي".

من جهته قال فاختانغ كيبشيدزه، نائب رئيس قسم السينودس للعلاقات الكنسية مع المجتمع، إن تدنيس الأشياء المقدسة موجه ضد جميع المؤمنين ومحاولة لفرض نظرة عالمية لا مكان فيها لاحترام الأضرحة الدينية، بغض النظر عن الدين الذي تنتمي إليه.

يشار إلى أنه في وقت سابق، وأمام السفارة التركية في ستوكهولم، قام زعيم حزب "هارد كورس" اليميني المتطرف، راسموس بالودان، بحرق نسخة من القرآن أمام العامة خلال فعالية مجازة من قبل السلطات السويدية نظّمها لهذا الغرض.

من جانبه قال الكاتب والباحث الإعلامي المقيم بكندا، سيد الجعفري إن "الصمت الرسمي العربي تجاه الجرائم التي يرتكبها المتطرفون والعنصريون بالعالم الغربي أمر ليس بجديد؛ فالحكومات العربية مشغولة بقضاياها الداخلية للسيطرة على شعوبها لتسهل قيادتهم والتحكم فيهم حفظا لكراسيهم".

بل إن تلك الحكومات تعمل على تشويه بعض الحركات والشخصيات الإسلامية التي ترفض السير بفلكها، وتتطلّع لتطبيق تعاليم الإسلام بالحكم والحرية، مثلما يحدث بمصر والسعودية، كبرى الدول الإسلامية، حتى زاد الأمر عن حدّه وهاجم بعض حكام العرب الإسلام نفسه بحجة تجديد الخطاب الديني".

 وقال إنه "وعلى المنوال نفسه، تنشغل الشعوب العربية بأزماتها الداخلية من معاناة بسبب غلاء الأسعار، والأزمات الاقتصادية الخانقة، والملاحقات الأمنية التي أصبحت سمة عامة بكثير من بلادنا العربية".

 ويرى الجعفري أن "الشعوب معذورة في ذلك؛ فعندما يلهث المواطن العربي خلف لقمة عيشه التي تكاد تكفي أسرته لا يمكن أن نلومه على التقصير بقضية لا تشغل له اهتمامه بفعل الدول وإعلامها".

 وتابع: "لكن المشكلة الأكبر أن الحركات والنخب الإسلامية، وكثير من أصحاب الأقلام الإصلاحية أصبحوا مشغولين بقضايا التحرّر الداخلي، حتى أصبح من الترف تجاوز هذه القضية إلى غيرها، وهو أمر صحيح لحد بعيد؛ فالأولى صناعة إنسان حرّ قبل أن تكلّفه بإبداء الرأي بقضية لا تمسّ قوت يومه".

 وأكد الصحفي المصري، أن "الدور الأكبر هنا على المؤسسات الإسلامية بالغرب لمواجهة الإسلاموفوبيا، وتقديم صورة جيدة عن الإسلام وتعاليمه القيمة".

 ويرى أنه "لا يمكن هنا التعويل على الموقف الرسمي التركي وحده؛ لأن تركيا مشغولة بالقضايا الإقليمية، وقد تتخذ حكومات أوروبية من خلافها السياسي مع أنقرة وسيلةً لإذكاء الإسلاموفوبيا ودفع العنصريين لديها لمهاجمة الإسلام ورموزه، بسبب التصاقه لديهم بالعنصر التركي منذ الفتوحات العثمانية لأوروبا".

قالت الرابطة المغربية للأئمة والقيمين الدينيين باسكندينافيا إنه “أمام الأفعال المتكررة لحرق المصحف الشريف بعدد من المدن السويدية، وما يشكله ذلك من استفزاز لمشاعر مسلمي السويد والعالم”، فإنها تندد وتستنكر بأشد العبارات “هذا السلوك المتهور والتصرف اللامسؤول”.

 وأكد مجلس إدارة الرابطة، في بيان له، أن “العاقل من بني البشر، المتبصر لمثل هذا التصرف الأرعن، لن يسعه إلا رفض ما يظهره من عقليةٌ اصطداميةٌ متطرفة، يضيق صدرها عن قبول التنوع في مجتمع واحد كالمجتمع السويدي، المعروف تاريخيا بطابعه المجتمعي القائم على التمدن والتعايش السلمي، وانفتاحه الإنساني على مختلف الثقافات والحضارات”.

 وأضافت الرابطة أن “السلوك اللامسؤول سيضر في المقام الأول بمصالح السويد الإستراتيجية وسمعتها الطيبة التي بناها شعبها جيلا بعد جيل على مدار عشراتِ العقود من الزمان، ما جعلها تراكم إرثا تاريخيا ضخما أكسبها سمعة عالمية انفردت بها عن كثير من الدول”، وزادت: “يكفي السويد شرفا أنها لم تكن في يوم من الأيام قوة استعمارية، كما يكفيها شرفا أنها دائما ما تعبر عن مواقف سياسية وإنسانية مشرفة لصالح عدد من قضايا شعوب العالم العادلة”.