هرمز: ليس مضيقآ جيوبوليتكيآ خالصآ يا خامنئي ...... بقلم الدكتور مصطفي أمين عامر

  


دائمًا ما كان علم الجيوبوليتك علمًا هجينًا وسيئ السمعة، بين الجغرافيا كعلم محايد، والسياسة كفنٍ للهيمنة والمصالح.

فالعلم الذي يسخر عناصر قوة الدولة كالموقع والتضاريس والممرات البحرية والموارد الإقتصادية لخدمة أجندات سلطوية، لا يستطيع إستيعاب رغبات التكامل والتعايش والتنمية.

النظام الإيراني يعد نموذجآ ومثالًا صارخًا على تسخير الجغرافيا وتحويلها إلى جيوبوليتك ضاغط ومهدد لمحيطها الإقليمي الناهض والرفض لسياسات طهران الرعناء في الإقليم.

النظام الإيراني منذ العام ١٩٧٩م ومساعيه لتحويل الجغرافيا السياسية للخليج من مواقع وخطوط على الخريطة، إلى أدوات للهيمنة وفرض القوة، وبسط النفوذ لا تتوقف ، ومضيق هرمز، أحد أهم الممرات البحرية في العالم، لم يكون بالنسبة له سوي درع جيوبوليتيكي في يد نظامه العقائدي ونقطة ارتكاز في سياسة الترهيب ضد جيرانه وحلفائهم المختارين وفق محددات أمنهم القومي. 

المضيق البالغ عرضه ٣٣كم وتمر عبره يوميًا نحو 20% من صادرات النفط العالمية شديد الحساسية إقتصاديآ ولا يصلح ان يكون تهديدآ أمنياً و أداة إبتزاز لنظام وهو من صنع لنفسه مأزقه فستغلال الجغرافيا ابتزاز و "خسة" مخجلة تحول فعناصرها فرص اقتصادية وليست أسلحة سياسية مشهرة في وجوه جيران مسالمين لا ذنب لهم سوي انهم شركاء في محورية واستراتيجية الإقليم. 

إيران لن تربح الكثير من إغلاق المضيق واحتجاز الناقلات،بل ستندفع نحو تهديد وجودي لنظامها بالكامل بمواجهات بحرية وجوية وربما برية لا طاقة لنظامها الهش المكشوف بها وتعلم جيدآ انها لن تستطيع الصمود أمامها أذان فما الداعي إلى الابتزاز، وتحويل خليج التعاون والاستقرار. الي منصة للإبتزاز والصراع. 

دول الخليج تعتمد على المضيق لتصدير معظم إنتاجها من النفط والغاز وتترجم موارده الي مشروعات للتنمية والتعاون من أجل الإستقرار أما إيران فتمارس ابتزازًا مباشرًا لدول الخليج وتهدد أمن ملاحتهاوتبتز العالم بأسره عبر رفع تكلفة التأمين والشحن والتلويح بإرباك سوق الطاقة وسلاسل الإمداد. 

هذا الابتزاز يعكس نزعة تسلطية متأصلة، ومحاولة مكشوفة للهروب من المأزق السياسي والاقتصادي الذي صنعه النظام الإيراني لنفسه، سواء بعقيدته التوسعية أو بصراعاته العبثية في المنطقة. 

تاريخ إيران مع مضيق هرمز مكشوف وزاخر بالسوابق المهددة لأمنه فمنذ التهديد بإغلاق المضيق ردًا على العقوبات الأوروبية في ٢٠١٢م والتفجيرات التي استهدفت ناقلات قرب الفجيرة الإماراتية في 2019م وتصعيد الابتزاز في عامي 2023–2024 باحتجاز ناقلات نفطية حاضرة في الذهنية الخليجية المسالمة ، ورفع وتيرة التهديد حاليا مخجلة وتعبر عن ذهنية مؤمنة بالسطوة الكاملة او التدمير الذاتي الكامل.

 إيران تريد تحويل مضيق هرمز إلى درع جيوبوليتيكي هجومي، تمارس به نفوذها وتمددها وابتزازها لجيرانها، والعالم أجمع وما تفعله طهران هو تسييس للجغرافيا وتحويلها إلى أداة صراع لا استقرار وهو أمر مرفوض. 

فأذا أراد خامنئي ان يستعيد هيبته فليستعيدها هناك في جوام او عين الآسد او حتى في بجرام لكن إعادة الهيبة بابتزاز الخليج والعالم بمضسق هرمز فيُعبّر عن نزعة تسلطية وهروب مكشوف من مأزق لم يصنعه سواه مع حرسه. فالمضائق لا يجب أن تتحول إلى رهائن الأفكار لا تؤمن الا بالهيمنة وتحويل الجغرافيا الي جيوبوليتك.

كاتب صحفي بمؤسسة روزاليوسف الصحفية والمتخصص في شئون الجماعات المتطرفة والإرهاب