من الزنزانة إلى قاعة المحاضرات: رحلة لاجئ عربي نحو التعليم وصناعة الامل
نيويورك
في مثل هذا اليوم قبل تسع سنوات، هبط شاب عربي على أرض مطار نيويورك، يحمل حقيبة على كتفه، وأثقالاً على قلبه… لا يعرف ما ينتظره سوى كلمة واحدة: "فرصة".
هو الدكتور المصري احمد عبد الباسط مرسي الفيزياء فى أحد أهم الجامعات فى أمريكا وهى جامعة مانهاتن والذى تحول إلى أيقونة علمية فى فترة قصيرة وكانت بداية القصة :
كان 28 يونيو 2016 بداية فصل جديد في حياته، لكنه لم يكن يعرف أن هذه الفرصة ستمر عبر ظلمات، لا ينيرها سوى الإصرار.
هروب نحو المجهول
جاء إلى أمريكا بتأشيرة مؤقتة، هاربًا من قمع، ومطاردة، وتكميم أفواه. كان يحلم بأن يكون إنسانًا حرًا، لا يخشى بابًا يُطرق ليلًا، ولا يُلاحق بسبب رأي.
لكنه لم يكد يلتقط أنفاسه حتى بدأ طريقه نحو طلب اللجوء. عمل في وظائف بعيدة عن تخصصه، وحين طرق باب الحماية، فُتحت له أبواب الزنازين. خمسة أشهر قضاها في سجون ICE، تحت برد يشبه الموت، محاصرًا بالأوراق، والتحقيقات، والوشايات.
زاره عملاء الـFBI أكثر من مرة، وتعرض لملاحقة السفارة التي لم تتركه حتى وهو على أرض المنفى.
القاضي الذي نفخ الروح
وفي لحظة فارقة، قالها القاضي "دانيال موريس" في قاعة المحكمة: "من حقك تبقى."
كانت تلك الجملة بمثابة قبلة حياة، حررته من قيده، وأعادته إلى إنسانيته.
من لاجئ… إلى صانع أمل
خرج من السجن بأمل جديد، وبدأ من الصفر. عمل في المدارس، ثم الكليات، حتى دخل جامعة مانهاتن، وسجّل الدكتوراه في التعليم – الحلم الذي حُرم منه في وطنه.
مرّت السنوات، وحقق ما لم يكن يتخيله… لكنه كان يُنجز بنصف قلب.
الغصة التي لا تزول: حضن غائب منذ 9 سنوات
منذ أن وطئت قدماه نيويورك، لم يرَ بناته.
تسع سنوات بلا حضن، بلا ضحكة، بلا عيد يكتمل.
كل صورة لهن كسرت جزءًا من روحه، وكل إنجاز بقي ناقصًا من دون ابتساماتهن.
يقول الشاب:
"أنا كسبت معركتي مع المجهول، بس خسرت عمري في حضنهم. ولسه بحارب… عشان يوم، بس يوم، أقولهم: بابا رجع."
أمل لا يُهاجر
قصته ليست مجرد لجوء سياسي… إنها لجوء روحي، من الخوف إلى الأمان، من القهر إلى الإيمان بالحق.
هو اليوم معلم، ملهم، ومقاتل من أجل يوم واحد…
يوم تعود فيه الضحكة، وتلتئم فيه المسافة بين قلبين، وفرقتهم حدود وقوانين وأقدار.