كاميل كلوديل: قصة فنانة خلدها الفن وأقصاها المجتمع

 


باريس 

 كانت كاميل كلوديل فنانة نابغة ومجتهدة، وُلدت عام 1864 في فرنسا، ودفعت ثمناً باهظًا لاختياراتها الفنية والشخصية في زمن لم يكن يتسع للنساء الطموحات. جاءت إلى باريس لدراسة النحت في وقت كانت فيه مدرسة الفنون الجميلة مغلقة أمام النساء، لكنّها لم تستسلم، فالتحقت بورش فنية بديلة، وهناك التقت بالنحات الشهير أوغست رودان، الذي أصبح معلمها وشريكها العاطفي والفني.

علاقة كلوديل برودان كانت مشحونة بالشغف والإبداع، وساهما سويًا في إنتاج أعمال لا تزال معروضة في متاحف كبرى كـ"متحف رودان" و"متحف أورسيه". لكن شهرة رودان تصاعدت، بينما تراجعت كلوديل إلى الظل، لا سيما بعد أن هجرها، وواصل علاقته مع امرأة أخرى.

تدهورت حياة كاميل المهنية والنفسية. عانت من التهميش والتجاهل، وفشلت في بيع أعمالها، بينما تزايدت عزلتها واضطرابها. المفارقة المؤلمة أن شقيقها، الكاتب والدبلوماسي بول كلوديل، كان من الداعمين لإيداعها في مستشفى للأمراض العقلية، معتبرًا أن شقيقتَه "وصمةً" لعائلة محافظة. بقيت كاميل محتجزة هناك 30 عامًا، رغم محاولاتها المتكررة للمناشدة بالإفراج عنها.

في 19 أكتوبر/تشرين الأول 1943، توفيت كاميل كلوديل في المستشفى نتيجة سوء التغذية. لم يحضر أحد من عائلتها جنازتها، ودُفنت في مقبرة جماعية بلا شاهد.

اليوم، وبعد عقود من الإهمال، تستعيد كاميل كلوديل مكانتها بوصفها واحدة من أبرز نحاتات عصرها. تُعرض أعمالها بفخر في المتاحف، وأُقيم لها متحف خاص في نوجان-سور-سين، اعترافًا بإبداعها الذي سبق زمانه.


كاميل كلوديل، التي خذلها الحب والعائلة، تعود اليوم رمزًا للعبقرية المقموعة، وانتصار الفن على النسيان.