في ذكرى استشهاده.. البطل الطيار مصطفى المغربي: مقاتل لا يعرف الراحة حتى نال الشهادة

 


في مثل هذا اليوم قبل 45 عاماً، ودّعت مصر واحداً من أبطالها الشجعان في سماء المعركة، الرائد طيار مقاتل مصطفى محمد زكي المغربي، الذي استشهد يوم 18 أكتوبر 1973 خلال أداء مهمة بطولية ضد قوات العدو، مضربًا أروع أمثلة الفداء والإخلاص للوطن.

وُلد المغربي في 21 أغسطس عام 1947، والتحق بالقوات الجوية المصرية وهو في العشرين من عمره، ضمن الدفعة 18 طيران. تخرّج وعاصر هزيمة يونيو 1967، وبدأ خدمته القتالية فعليًا في حرب الاستنزاف، حيث راكم خبرة ميدانية كبيرة على طائرة ميج-17، ما أهّله لاحقًا لأن يكون أحد أعمدة القوات الجوية.

في عام 1973، نُقل المغربي إلى سوريا ضمن مجموعة من الطيارين المصريين لدعم الجبهة السورية. وتميز بمهنيته العالية وإخلاصه النادر؛ حتى أن قائده سأله يومًا: "لم تطلب إجازة منذ انضمامك؟"، فأجابه المغربي بثقة: "إجازة إيه يا فندم؟ هنفضل نشتغل ونتدرب لحد ما ييجي يوم التحرير". هذه الكلمات لخصت عقيدته القتالية، التي لفتت أنظار قيادته.

سمح له قائده بزيارة قصيرة لرؤية ابنه الوحيد، عمرو، حيث أمضى معه 3 أيام فقط، قبل أن يتلقى استدعاء عاجل من قاعدة القطامية، بقيادة المقدم طيار باهر التونسي، إيذانًا ببداية المهام القتالية في حرب أكتوبر المجيدة.

شارك المغربي في الطلعة الجوية الأولى، وظل يحقق النجاحات في كل مهمة كُلف بها، بفضل خبرته في المناورة والضربات الدقيقة. حتى جاء يوم 18 أكتوبر، حيث كُلّف مع ثلاثة طيارين آخرين بمهاجمة تجمع دبابات للعدو يتجاوز عددها 12 دبابة متمركزة بشكل خطر قرب الجيش الثاني الميداني.

بروح قتالية عالية، أدار المغربي الهجوم ببراعة، مدمّرًا نصف الدبابات في ضربة أولى، ثم أكمل زملاؤه المهمة. وفي الهجوم الثاني، دمّر مؤخرة القوة المعادية بالكامل. وبعد تأمين انسحاب زملائه، لاحظ أن الطائرة رقم 4 متأخرة وتواجه خطرًا محدقًا.

أظهر المغربي قمة الفداء حين قرر العودة لمساعدة زميله رغم وجود 12 طائرة ميراج معادية تطارد الطائرة المصرية. دخل المعركة بشجاعة نادرة، مشاغلًا الطائرات وحده، ليمنح زميله فرصة النجاة. قاتل ببسالة حتى لحظة استشهاده، صائمًا، وعمره لم يتجاوز 26 عامًا.

سطر الشهيد المغربي اسمه في سجل الخالدين، مقدمًا دروسًا لا تُنسى في الرجولة، والشهامة، والالتزام بقَسم الجندية. عاش مقاتلاً، واستشهد بطلًا، تاركًا إرثًا من البطولة للأجيال القادمة.

رحم الله الشهيد، وخلد ذكراه.

سلامٌ لروحه الطاهرة، وسلام سلاح.