معركة "فيتو" والوزير.. بلاغات وتصعيد يقابلها تضامن نقابي وتحذيرات من المساس بحرية الصحافة

 


القاهرة 

دخلت العلاقة بين جريدة فيتو ووزير الصناعة والنقل ونائب رئيس مجلس الوزراء للتنمية الصناعية، الفريق مهندس كامل الوزير، إلى مرحلة من التصعيد غير المسبوق، بعد أن شن الوزير هجومًا واسعًا على الصحيفة، بسبب ملفها الصحفي بعنوان: "جمهورية المستشارين.. حكومة في الظل تكلف الملايين وتساؤلات حول جدوى مهامهم"، المنشور في العدد رقم 676 بتاريخ 19 أغسطس الجاري.

الوزير لم يكتفِ بالاعتراض الإعلامي، بل تقدمت وزارته بشكوى رسمية إلى المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، وأخرى إلى النائب العام والهيئة الوطنية للصحافة، متهمة فيتو بـ"نشر شائعات وأكاذيب تضر بسمعة وزارة النقل وحقوقها".

نقابة الصحفيين تدخل على الخط

في لمقابل، اعتبرت نقابة الصحفيين برئاسة خالد البلشي، أن هذا المسار يمثل "مؤشرًا خطيرًا"، محذرة من أن ملاحقة الصحفيين قضائيًا ليست الطريق الصحيح للتعامل مع النقد الصحفي أو حتى مع الأخطاء المهنية المحتملة.

البلشي شدد على أن حق الرد هو السلاح الأقوى بيد المؤسسات الرسمية، معتبرًا أن لجوء المسؤولين إلى القضاء في مواجهة النقد يعكس ضيقًا بالرأي الآخر، ويبعث برسائل سلبية حول تقبل النقد.


وقال نقيب الصحفيين: "الجريدة نشرت بيان وزارة النقل فور صدوره، التزامًا بواجباتها المهنية والقانونية، وهو دليل على مصداقيتها. العقوبة الأكبر للصحفي هي تكذيبه، أما الرد والتوضيح فهما السبيل الأمثل لتصحيح المعلومات وتعزيز الثقة بين الصحافة والجهات الرسمية."

لجنة الحريات: الرد لا البلاغات

لجنة الحريات في النقابة أعلنت تضامنها مع فيتو، داعية الجهات الرسمية إلى تصحيح ما تراه مغلوطًا عبر حق الرد، بدلاً من اللجوء للقضاء، الذي قالت إنه "يعكس ضيقًا بالنقد، ويقيد الصحافة عن أداء دورها الرقابي".

وأكدت اللجنة أن "الخبر الكاذب عقوبته تصحيحه"، وجددت المطالبة بسرعة إصدار قانون لحرية تداول المعلومات باعتباره الضمانة الحقيقية لنشر الحقائق ومنع الشائعات.

ما وراء الأزمة

الأزمة بين الوزير والجريدة تعكس صراعًا أوسع بين الصحافة والسلطة التنفيذية حول حدود النقد ودور الإعلام الرقابي. ففي الوقت الذي ترى فيه الحكومة أن بعض التغطيات الصحفية تمثل "تشويهًا أو تضليلًا"، يصر الصحفيون على أن غياب الشفافية وتقييد المعلومات هو السبب الأول لانتشار الأخبار المثيرة للجدل.

المعركة بين كامل الوزير وفيتو تضع ملف حرية الصحافة مجددًا تحت المجهر، في وقت تتصاعد فيه مطالب الجماعة الصحفية بقانون لحرية تداول المعلومات، وفتح مساحات أوسع للرأي والرأي الآخر. وبينما يلوّح الوزير بالبلاغات، يرد الصحفيون بالتشبث بحق الرد والتضامن مع زملائهم، لتبقى الكلمة الفصل للرأي العام الذي يترقب: هل سينتصر منطق الحوار أم منطق البلاغات؟