رسالة الوداع الأخيرة.. طفل يرحل ويترك وصية لأخيه برعاية الأم العمياء
لم يكن رحيل الأم بالطلاق مجرد حدث عابر لطفلين صغيرين، بل بداية سلسلة طويلة من الحرمان. الأب منع ابنيه من رؤية أمّهما، وأجبرهما على التعايش مع زوجة قاسية ملأت حياتهما خوفًا ومرارة.
الأخ الأكبر كان يهرب من جدران البيت الخانقة، يختفي يومًا أو يومين ثم يعود ليواجه عقابًا وحشيًا من والده. لم يكن يصرّح بمكان غيابه، وكان يفضل التظاهر بفقدان الوعي على أن يكشف سرّه. حتى لصديقه الوحيد، شقيقه الأصغر، لم يبح بحقيقة الأماكن التي يقصدها.
لكن غيابه الأخير كان الأطول. ثلاثة أيام خارج المنزل كانت كافية لإشعال غضب الأب. ليلة باردة تحوّلت إلى مأساة، إذ انهال الوالد عليه ضربًا حتى نزف جسده الصغير وسقط بلا حراك. لم يستفق هذه المرة. رحل الطفل تاركًا أخاه في عزلة أشد قسوة من أي عقاب.
بعد الفاجعة، وبين دموع الخوف والفقد، وجد الأخ الأصغر ورقة مطويّة تحت وسادة الراحل. رسالة قصيرة لكنها محمّلة بكل ما لا يستطيع طفل أن يقوله علنًا:
"واصل زيارة أمنا، فهي عمياء ولن تفرّق بين صوتينا... واصل رعايتها تحت التعذيب، ولا تُشعرها أن أحدنا قد رحل."
بهذه الكلمات البسيطة، سلّم الطفل وصيته الأخيرة لأخيه، تاركًا خلفه قصة موجعة عن الحرمان الأسري، وعن ثمن القسوة حين يتحول البيت إلى سجن، والأب إلى جلاد.