محمد إبراهيم المصري.. رائد الإلكترونيات الدقيقة الذي جمع بين عبقرية المختبر ورسالة الإنسان
يُعد البروفيسور محمد إبراهيم المصري واحدًا من أبرز العلماء العرب والمسلمين في مجال الإلكترونيات الدقيقة وتصميم الدوائر المتكاملة، حيث امتدت مسيرته البحثية والأكاديمية لأكثر من خمسة عقود، جمع خلالها بين الريادة العلمية والالتزام بالقضايا الإنسانية والفكرية.
وُلد المصري في مصر وتخرج في كلية الهندسة بجامعة القاهرة عام 1965 بمرتبة الشرف في تخصص الهندسة الكهربائية، ثم انتقل عام 1968 إلى كندا بمنحة دراسية في جامعة أوتاوا، حيث حصل على الماجستير والدكتوراه في هندسة الإلكترونيات الدقيقة. وبعد فترة بحثية قصيرة في مختبرات بيل الشهيرة بالولايات المتحدة، التحق بجامعة واترلو الكندية، التي تُصنّف من بين أفضل الجامعات العالمية في مجالات التقنية والهندسة، ليصبح أحد أعمدتها الأكاديمية البارزة.
خلال مسيرته، نشر المصري أكثر من 500 ورقة بحثية محكمة وأشرف على عشرات رسائل الماجستير والدكتوراه، كما ألّف وشارك في تأليف أكثر من 14 كتابًا مرجعيًا تُدرّس في كبرى الجامعات حول العالم، من بينها: Digital MOS Integrated Circuits، وVLSI Design Techniques، وLow Power Digital VLSI Design، لتصبح هذه المؤلفات مراجع أساسية في تدريس وتطوير مجال الإلكترونيات الدقيقة.
ولم يتوقف عطاؤه عند البحث الأكاديمي، بل أسهم في ربط الجامعة بالصناعة عبر تقديم استشارات تقنية لشركات عالمية مثل IBM وHitachi وMicrosoft، كما حصل على عدة براءات اختراع في مجال تصميم الدوائر المتكاملة. ويُعد من أوائل من طرحوا فكرة استغلال تقنيات VLSI في تطبيقات الذكاء الاصطناعي عبر الشبكات العصبية.ط
إلى جانب إنجازاته العلمية، كان للبروفيسور المصري حضور مجتمعي وفكري لافت؛ فقد تولى رئاسة المؤتمر الإسلامي الكندي، وكتب مقالات رأي في صحيفة The Globe and Mail مدافعًا عن قضايا المسلمين وحقوق الإنسان، وعلى رأسها القضية الفلسطينية. كما لم ينسَ وطنه الأم مصر، إذ دعم البحث والتعليم وأسهم في إنشاء مختبرات متخصصة بجامعة عين شمس، وأشرف على أجيال من الباحثين المصريين والعرب.
إن مسيرة محمد إبراهيم المصري تمثل نموذجًا للعالم المسلم الذي جمع بين الابتكار العلمي والرسالة الإنسانية، فكان رمزًا للعطاء الذي يتجاوز حدود المختبر إلى خدمة المجتمع والإنسانية.