"يحيى شاهين.. قلب منكسر وحياة أعاد الفن صياغتها"
لم يكن يحيى شاهين مجرد ممثل يطل على الجمهور بابتسامة رصينة وملامح واثقة، بل كان إنسانًا ذا قلب هش، عرف الحب وخسر، وتذوق مرارة الفقد قبل أن يجد في الفن ما يواسيه.
في عام 1959، غامر بقلبه وتزوج من سيدة مجرية مطلقة لها طفلان، علاقة بدأت بالعاطفة الجارفة وانتهت بالخذلان. أنجب منها ابنتين، لكن اختلاف الطباع وسرعة الصدام قضت على الحلم. بعد ست سنوات، رحلت الزوجة عائدة إلى المجر ومعها ابنتاه، ليجد الفنان نفسه أمام فراغ قاسٍ وجرح أبوي غائر.
عامان كاملان عاشهما في عزلة، لا يسمع إلا صدى الوحدة ولا يرى إلا صور طفلتيه البعيدتين.
غير أن يحيى، الذي كان يملك من الصبر بقدر ما يملك من الموهبة، نهض من كبوته. تزوج من مشيرة عبد المنعم، وأنجب ابنته داليا، واستعاد توازنه العاطفي. ومن جديد، منحته الشاشة الكبيرة معنى للحياة، حيث قدّم عشرات الأدوار التي خلدته في ذاكرة المصريين، لا سيما شخصية "السيد أحمد عبد الجواد" في ثلاثية نجيب محفوظ، حيث جمع بين صرامة الأب وقلبه المرهف، وكأن القدر جعل الفن يترجم ما عجز عن قوله في حياته الخاصة.
ورغم جراحه، ظل ممتنًا لكل من منحه يدًا في بداياته. لم ينسَ أبدًا لفتة أم كلثوم حين أصرت أن يضاعف المنتج أجره في فيلم سلامة، لتضعه على طريق النجومية. كان يقول: "هذا الجميل لا يُشترى ولا يُنسى".
رحل يحيى شاهين عام 1994 تاركًا إرثًا فنيًا وذكرى إنسانية لرجل حمل خلف الكاميرا حكايات من الألم والحب والخسارة، لكنه ظل واقفًا أمامها بشموخ الفنان.
