رباب مصطفى.. من القبة إلى كندا ثم إلى سفينة عمر المختار: امرأة تحمل في قلبها وطنًا وفي عقلها خطط نجاة"

 

فتحي الضبع 

في زمن يندر فيه أن تتقدم النساء الصفوف في ساحات المخاطر، برز اسم رباب مصطفى كقصة إنسانية فريدة، جمعت بين قوة الشخصية وحكمة التجربة وذكاء التخطي

ولدت رباب في مدينة القبة الليبية، حيث كان والدها موظفًا في البلدية، لتتشبع منذ طفولتها بمعاني الانضباط والمسؤولية. ثم قادتها رحلة الحياة إلى كندا بعد زواجها، لتبدأ هناك مرحلة جديدة من التعلم والتحدي، إذ درست إدارة الأزمات والمخاطر، وهو التخصص الذي غدا لاحقًا عنوانًا لدورها الريادي على متن سفينة عمر المختار.


رحلة شاقة نحو المهمة

لم يكن وصول رباب إلى طرابلس الغرب أمرًا عابرًا؛ فقد تكبدت مشاق السفر من كندا مرورًا بعدة محطات حتى وصلت إلى هدفها. لكنها لم تكن مجرد مسافرة، بل كانت تحمل مشروعًا في عقلها ورسالة في قلبها، لتصبح أول سيدة تتقدم رسميًا للمشاركة في السفينة، وخيارًا مثاليًا كما وصفها أعضاء لجنة الاختيار منذ المقابلة الأولى.

خطط أمان تحت عاصفة التحديات

ما إن استقرت على ظهر السفينة حتى وضعت بصمتها الخاصة: برنامج متكامل لإدارة المخاطر، خطط للحماية، خريطة أمنية واحتياطات احترازية، نفذت جميعها تحت إشرافها المباشر.

ولم يكن الأمر مجرد خطة على الورق، بل ممارسة فعلية للقيادة في وقت الأزمات. فبهدوئها وصبرها وحكمتها، استطاعت أن تُكسب زملاءها شعورًا بالأمان وسط مهمات شاقة، امتدت من عشرة أيام إلى أكثر من ثلاثة أسابيع، وما زالت مستمرة في العطاء.

بين البيت والجهاد الإنساني

وراء هذه السيدة يقف زوج صالح ومؤمن، صديق مقرب من مؤسسي الأسطول وعلى رأسهم الأستاذ هاني محمود. هذا الزوج لم يكن مجرد داعم، بل حمل دور الأب والأم معًا في رعاية الأسرة، ليتيح لزوجته أن تمارس ما وصفته بـ"الجهاد الإنساني".

أما أسرتها وإخوتها، فقد كانوا سندها وداعميها، يمدونها بالتشجيع والدعاء والتواصل المستمر.

امرأة بصوت منخفض.. وعزيمة عالية

قليلة الكلام، لا تسمع منها إلا كلمات الاحترام: "حاضر يا أستاذ.. أوامرك يا أستاذ". لكنها في المواقف الحاسمة، كانت جريئة، صلبة، واثقة بدينها وثقافتها، وحاملة لتجربة حياتية واسعة جعلتها تبدو وكأنها "أسطورة السفينة" بصبرها وتحملها وهدوئها.

تكريم مستحق

قصة رباب مصطفى ليست مجرد سيرة امرأة التحقت بمشروع إنساني، بل شهادة على أن القيادة لا ترتبط بالجنس، وإنما بالشجاعة والإيمان بالقضية.

إنها رسالة بأن المرأة قادرة على أن تكون في الصفوف الأمامية، لا بالضجيج، بل بالفعل الصامت الذي يترك أعمق الأثر.