عندما توَّج نفسه إمبراطورًا: حفل بوكاسا الذهبي الذي كلّف ثلث ميزانية إفريقيا الوسطى
في ديسمبر 1977، شهدت إفريقيا الوسطى حدثًا غير مسبوق في التاريخ السياسي الحديث، حين أعلن الرئيس جان بيديل بوكاسا نفسه إمبراطورًا، في حفل تتويج ضخم استوحى تفاصيله من مراسم تنصيب نابليون بونابرت.
جلس بوكاسا على عرش ذهبي ضخم صُمم على شكل نسر، مرتديًا عباءة أرجوانية مطرزة بفراء القاقم، وتوّج رأسه بتاج مرصع بالألماس يزن أكثر من سبعة كيلوغرامات وتقدَّر قيمته بملايين الدولارات. إلى جانبه، جرى تتويج زوجته كاترين إمبراطورةً في مشهد فخم أقرب إلى الأساطير.
لكن خلف البهرجة، كانت الأرقام صادمة؛ إذ بلغت تكلفة الحفل نحو 20 مليون دولار، أي ما يعادل ثلث ميزانية الدولة، معظمها من المساعدات الفرنسية المخصصة للتنمية والتعليم والصحة.
ورغم الدعوات الواسعة، غاب قادة العالم عن الحفل، فلم يحضر أي رئيس أو ملك، واكتفى بعض الدول بإرسال ممثلين دبلوماسيين من الصف الثاني. وهكذا تحوّل التتويج إلى مشهد باهظ بلا جمهور.
بعد عامين فقط، وفي أعقاب تزايد السخط الشعبي والدولي، أطاحت به عملية فرنسية سرية عُرفت باسم "باراكودا" عام 1979، لتطوى صفحة "الإمبراطورية" التي لم تعمّر طويلًا، تاركةً خلفها صورة شهيرة أصبحت رمزًا للترف والغرور السياسي في قلب قارة فقيرة.