أطفال في الفريزر".. القصة التي هزّت فرنسا وكوريا
.
باريس
في مساء عادي من عام 2006، عاد المهندس الميكانيكي جون إلى سكنه في كوريا الجنوبية بعد يوم طويل من العمل في مصنع السيارات. فتح باب ثلاجته ليضع طبق سمك أهداه له أحد زملائه، لكن عينيه وقعتا على كيس أزرق غريب لم يره من قبل. فتحه ليتجمد الدم في عروقه: داخل الكيس كان يرقد جسدان صغيران لطفلين رُضع، مجمدين وميتَين
صرخ جون من هول ما رأى، وأسرع بإبلاغ الشرطة. ومن هنا انطلقت واحدة من أكثر القضايا غرابة وإثارة للجدل، عُرفت لاحقًا باسم "قضية الأطفال المجمدين".
البداية: قصة حب عادية تتحول إلى كابوس
جون، مهندس شاب من فرنسا، تزوج عام 1994 من حبيبة عمره ڤيرونيك. أنجبا طفلين وعاشا حياة مستقرة. في 2002، تلقى عرضًا للعمل في فرع الشركة بكوريا الجنوبية، فانتقل مع أسرته إلى هناك. كانت حياته طبيعية، يتنقل بين فرنسا وكوريا لقضاء إجازاته، إلى أن وقعت المفاجأة.
خيوط الاتهام
تحقيقات الشرطة الكورية أظهرت أن الحمض النووي للأطفال يعود إلى جون. لم يصدق ما يسمعه، ونفى أي علاقة بهم. لكن الصدمة الكبرى كانت عندما كشفت الفحوصات أن زوجته ڤيرونيك هي الأم البيولوجية للرضيعين.
القضية انفجرت إعلاميًا وأثارت خلافًا دبلوماسيًا بين فرنسا وكوريا. فرنسا اتهمت السلطات الكورية بفبركة الاتهامات، قبل أن يتأكد خبراؤها من صحة نتائج التحاليل.
الاعتراف المزلزل
في التحقيقات، التزم جون بالإنكار، لكن ڤيرونيك انهارت واعترفت:
> "هؤلاء أطفالي.. أنجبتهم وقتلتهم فور ولادتهم. واحد عام 1999، وآخر 2002، والثالث 2003."
كلماتها صدمت الرأي العام العالمي. كيف يمكن لأم أن تقتل أبناءها وتخفيهم في الفريزر؟
اللغز النفسي
خمسة أطباء نفسيين كُلفوا بتحليل شخصية ڤيرونيك. النتيجة كانت صادمة: حالة نادرة تُسمى "إنكار الحمل".
في هذه الحالة، لا تظهر على المرأة أي علامات للحمل، فلا تكبر بطنها ولا تشعر بأعراضه، بل قد تُفاجأ بالولادة. الأغرب أن ڤيرونيك مرت بهذه الحالة ثلاث مرات، وهو ما جعلها أول امرأة في التاريخ تسجل بهذه الصورة النادرة.
لكن لماذا قتلتهم؟
ڤيرونيك بررت فعلتها بأنها نشأت في أسرة فقيرة مهمَلة، ولم ترد أن يعيش أطفالها المصير ذاته. أرادت الاكتفاء بطفلين فقط.
الحكم والنهاية
القضاء الفرنسي حكم عليها بالسجن ثماني سنوات، قضت منها أربعًا فقط. أما جون، فحصل على البراءة، وظل إلى جوار زوجته حتى أُفرج عنها.
القضية تحولت إلى مادة لعدة أفلام وثائقية، وظلت مثالًا صادمًا على التقاء الطب النفسي بالجريمة، وعلى كيف يمكن أن تتحول أم إلى قاتلة بدافع لا يكاد يُصدق.