"جنازة عبد الفتاح القصرى.. حين حمل الحلاق والجزمجي نعش نجم الكوميديا"؟
في الثامن من مارس عام 1964، أسدل الستار على حياة واحد من أبرز فناني الكوميديا في تاريخ السينما المصرية، الفنان الكبير عبد الفتاح القصرى، الذى أضحك الملايين على الشاشة، لكنه رحل في صمت، وسط معاناة إنسانية قاسية لم يعرفها الكثير من جمهوره.
القصرى الذى شارك كبار النجوم أمثال نجيب الريحاني، ماري منيب، إسماعيل ياسين، سامية جمال، وزينات صدقي، وصار أيقونة للضحكة المصرية، انتهت حياته مأساة مؤلمة. بعد أن خانته زوجته وتزوجت من ابنه بالتبني، تركته بلا مأوى ولا طعام، حتى كان يقف في الشوارع يستعطف الأطفال ليعطوه بعض فتات الخبز، فيردون عليه مازحين: "قول نورماندي تو ونديك". فيكرر جملته الشهيرة من أفلامه، ليحصل على ما يسد به رمقه.
لم تستسلم صديقته الفنانة نجوى سالم وحدها لهذه المأساة، فقد سعت مع الفنانة ماري منيب لتأمين مسكن بسيط له بعد أن فقد كل شيء، حتى أن ماري ذهبت بنفسها للتلفزيون المصري تطلب عرض فيلم سي عمر نزولًا على رغبته، وهو آخر ما تمناه.
لكن يوم رحيله كان أشد قسوة من سنوات مرضه. لم يجد من يشيّعه سوى شقيقته، صديقه قدري المنجد، وجيرانه البسطاء. لم يكن العدد كافيًا لحمل النعش أو إقامة صلاة الجنازة، فاستعانوا بالحلاق والجزمجي ليشاركوا في تشييعه، في مشهد اختزل حجم الغياب والخذلان الذى عاشه.
رحل القصرى تاركًا خلفه إرثًا فنيًا عظيمًا، من بينها أدواره الخالدة في ابن حميدو وسكر هانم وسي عمر. لكنه أيضًا ترك سؤالًا موجعًا: كيف يرحل صانع البهجة وحيدًا، جائعًا، بلا أنيس ولا جمهور؟



