السفير الألماني بالقاهرة: ننتقد سياسات إسرائيل رغم دعمنا لأمنها.. و300 مليون يورو مساعدات للفلسطينيين
القاهرة
فتحي الضبع
تشكل العلاقة بين ألمانيا وإسرائيل محورًا ثابتًا في السياسة الخارجية الألمانية منذ ستة عقود. فبرلين تعتبر أمن إسرائيل "مسؤولية تاريخية" نابعة من إرث الحقبة النازية والهولوكوست، وهو ما يترجم في دعم سياسي واقتصادي وعسكري متواصل. ألمانيا تعد من أبرز موردي السلاح لإسرائيل، كما أنها غالبًا ما تتخذ مواقف مؤيدة لها أو تمتنع عن التصويت في المحافل الدولية عند مناقشة القضايا الفلسطينية.
لكن هذه السياسة انعكست سلبًا على صورة ألمانيا في العالم العربي. فبينما ينظر العرب إلى ألمانيا كقوة صناعية متقدمة وبلد للعلم والمنح الدراسية، فإن دعمها لإسرائيل، خصوصًا في أوقات التصعيد والحروب على غزة، يُنظر إليه كازدواجية في المعايير. ويشير محللون إلى أن برلين تدافع عن حقوق الإنسان وسيادة القانون في أوكرانيا، لكنها تتغاضى عن الانتهاكات الإسرائيلية بحق الفلسطينيين.
الإعلام العربي بدوره يسلط الضوء على هذا التناقض، ما يعزز صورة ألمانيا كجزء من التحالف الغربي المنحاز لإسرائيل. ورغم ذلك، يبقى لألمانيا حضور إيجابي في الثقافة والاقتصاد والتعليم بالمنطقة، وهو ما يجعل صورتها متوازنة بين الإعجاب بقدراتها والتشكيك في مصداقيتها السياسية.
وفيما بخص النقاط السابقة التى تناولها عقد السفير الألماني بالقاهرة للرد على تلك النقاط الشائكة فى مؤتمر صحفى نظمته السفارة
، أكد خلاله أن العلاقات بين ألمانيا وإسرائيل تقوم على خصوصية تاريخية ودور بلاده في ضمان أمن إسرائيل، مشيرًا في الوقت نفسه إلى أن هذا الدعم لا يعني تأييد كل ما تقوم به الحكومة الإسرائيلية.
وقال شولتس: "نحن نقدم انتقادات واضحة لإسرائيل، خاصة في ظل ما يعيشه المدنيون في قطاع غزة من أوضاع مأساوية تحولت إلى جحيم وكابوس على الأرض". وأضاف أن الحكومة الألمانية الجديدة التي تولت مهامها في مارس الماضي تبنت مواقف أكثر انتقادًا تجاه إسرائيل، وهو ما عبّر عنه أيضًا المستشار أولاف ميرتس.
وشدد السفير على أن بلاده لا يمكنها أن تغض الطرف عن المعاناة الإنسانية اليومية للفلسطينيين، موضحًا أن ألمانيا قدّمت دعمًا ماليًا وفنيًا طويل الأمد بلغ نحو 300 مليون يورو لقطاع غزة والسلطة الفلسطينية، بالإضافة إلى مشروعات تنموية ومساعدات إنسانية.
وفي الوقت نفسه، أوضح شولتس أن برلين تحتفظ بقنوات اتصال مع الحكومة الإسرائيلية، لكنه أقر بأن "من الصعب التعامل مع هذه الحكومة"، مؤكدًا أن ألمانيا لا تعترف بالاتهامات الموجهة لإسرائيل بارتكاب إبادة جماعية.
وأشار السفير إلى أن الحل العادل لا يمكن أن يتحقق دون مشاركة الفلسطينيين، وأن الهدف النهائي يتمثل في إقامة دولة فلسطينية عبر مفاوضات تنتهي إلى حل الدولتين، لافتًا إلى أن الاعتراف بدولة فلسطين الآن لن يغير من الواقع على الأرض.
كما أثنى على الدور المصري في الملف الفلسطيني، واصفًا إياه بـ"المسؤول والذكي"، سواء في جهود الوساطة بالتعاون مع الولايات المتحدة وقطر، أو في مساعي المصالحة الداخلية الفلسطينية، إلى جانب المساعدات الإنسانية المستمرة وخطة إعادة الإعمار التي طرحتها القاهرة.
وفي الشأن الاقتصادي، أكد شولتس أن حجم التبادل التجاري بين مصر وألمانيا بلغ 5 مليارات يورو، مشيرًا إلى أن بلاده تتجه لشراء الهيدروجين الأخضر من مصر، وأن المشروع الألماني في منطقة السخنة ساهم في تعزيز إمدادات الكهرباء للمنازل المصرية ومنع تكرار انقطاع التيار.
أما بخصوص الملف الإيراني، فأوضح أن تفعيل "آلية الزناد" أعاد فرض العقوبات المنصوص عليها في اتفاق 2015، معربًا عن أسفه للتصعيد، لكنه شدد على أن ألمانيا ما زالت تسعى للحلول السلمية وتدعو طهران للعودة إلى طاولة المفاوضات.



