عمارة الموت".. من زلزال 92 إلى أسطورة أشباح هليوبوليس
في ظهيرة 12 أكتوبر 1992، كانت مصر على موعد مع واحدة من أكثر لحظات الرعب في تاريخها الحديث. الأرض اهتزت، المباني تمايلت، وصوت الانهيار دوّى في سماء القاهرة. وبين كل تلك الفوضى، تحولت عمارة شاهقة في قلب ميدان هليوبوليس إلى ركام في ثوانٍ معدودة.
تلك البناية، التي شُيّدت في الأساس لتكون 8 طوابق فقط، ارتفعت إلى 14 بفعل الطمع وتجاوزات المقاولين. وعندما جاء الزلزال، لم يحتج سوى نصف دقيقة ليفضح الغش والفساد. أكثر من 90 ساكنًا كانوا بالداخل.. لم يخرج منهم أحياء إلا خمسة فقط.
أشباح العمارة
بعد إزالة الأنقاض ودفن الضحايا، ظل المكان خاليًا.. لكنه لم يهدأ.
سكان المنطقة المجاورة يؤكدون أن أصوات صراخ مكتومة تُسمع ليلًا، وكأنها استغاثات تحت الأنقاض.
البعض يروي أنهم رأوا أضواءً غامضة تتحرك في المكان، رغم أن الكهرباء كانت مقطوعة.
آخرون يحلفون أنهم شاهدوا وجوهًا باكية خلف شبابيك شقق لم تعد موجودة.
بمرور السنوات، اكتسبت العمارة لقب "عمارة الأشباح"، وصار الناس يتجنبون المرور من أمامها ليلًا. بعض سائقي التاكسي أقسموا أنهم ركّبوا ركابًا من هناك ثم اختفوا فجأة عند نصف الطريق!
بين الحقيقة والأسطورة
الخبراء يؤكدون أن ما يسمعه الناس قد يكون مجرد أصداء أصوات أو تأثيرات نفسية مرتبطة بصدمة الحادث. لكن في ذاكرة الأهالي، العمارة لم تزل عامرة بأرواح سكانها الذين رحلوا دفعة واحدة.
القصة الأكثر إثارة كانت عن أكثم إسماعيل، الشاب الذي قضى أكثر من 80 ساعة تحت الركام قبل إنقاذه. حين خرج للضوء، قال إنه كان يسمع أصواتًا تُشجّعه على الصمود.. أصوات لا يعرف مصدرها حتى اليوم. هل كانت أصوات مسعفين؟ هل كانت من بقايا سكان؟ أم.. أرواح لا تريد أن تتركه يرحل معهم
اليوم لم يعد لمبنى هليوبوليس أثر، لكنه بقي حيًا في ذاكرة الناس. مأساة إنسانية، ودرس مرير عن الغش والإهمال، وغلاف من الحكايات الغامضة التي أضفت عليه هالة أسطورية.
بين من يراه نصبًا تذكاريًا للفساد، ومن يعتقد أنه مأوى للأشباح.. تبقى "عمارة الموت" واحدة من أكثر قصص زلزال 92 إثارة وغموضًا.