الدور الإيراني فى إفشال إعادة تشكيل الخرائط السياسية ....بقلم د.محمد كمال علام
مصالحهما الاستراتيجية، من خلال مشروع أصبح يُعرف في الأوساط السياسية باسم "مشروع التفتيت وإعادة تشكيل الخرائط"، أو كما يُطلق عليه أيضًا: "الشرق الأوسط الجديد".
أهداف المشروع:
تقسيم الدول العربية والإسلامية الكبرى إلى كيانات أصغر تقوم على أسس طائفية أو عرقية أو دينية (شيعة/سُنّة، مسلمون/مسيحيون، عرب/أكراد... إلخ).
إضعاف الجيوش الوطنية، وعلى رأسها الجيش العراقي، السوري، والمصري.
ضمان تفوق عسكري إسرائيلي لا يُضاهى في المنطقة.
السيطرة على مصادر الطاقة (النفط والغاز).
تحويل الصراع من صراع عربي-إسرائيلي إلى صراعات داخلية عربية-عربية أو إسلامية-إسلامية.
أدوات تنفيذ المشروع:
التدخل العسكري المباشر (كما حدث في غزو العراق عام 2003).
دعم الثورات والانقلابات المضادة.
إشعال حروب أهلية (سوريا، اليمن، ليبيا، السودان).
حملة إعلامية ضخمة لتشويه أنظمة المقاومة وتقديم نماذج "مقبولة أمريكيًا".
تحالفات مع بعض دول الخليج لتمويل وتنفيذ المشروع.
دور إيران في إفشال المشروع
رغم حالة العداء المعلنة بين طهران وواشنطن، فإن إيران لعبت في كثير من الأحيان دور القوة الإقليمية المعارضة للمشروع الأمريكي-الإسرائيلي.
أبرز محطات الدور الإيراني:
دعم المقاومة في لبنان وفلسطين:
إيران كانت الداعم الأساسي لحزب الله، الذي ألحق بإسرائيل هزائم كبرى عامي 2000 و2006.
كما دعمت حركتي حماس والجهاد الإسلامي عسكريًا ولوجستيًا، مما ساعد على استمرار الجبهة في غزة مشتعلة.
الحضور العسكري والسياسي في العراق وسوريا:
بعد سقوط صدام حسين، استثمرت إيران وجودها السياسي في العراق لمواجهة النفوذ الأمريكي.
تدخلت عسكريًا في سوريا دعمًا لنظام الأسد ضد مخطط التقسيم المدعوم أمريكيًا.
الردع الاستراتيجي:
طورت صواريخ بعيدة المدى وطائرات مسيّرة متقدمة، ما أجبر إسرائيل على التردد قبل شن أي حرب شاملة.
الهجوم غير المسبوق على إسرائيل (أبريل 2024 كمثال):
إطلاق أكثر من 300 طائرة مسيّرة وصواريخ كروز كان صدمة عسكرية كبرى لإسرائيل، تُعد الأولى من نوعها منذ 1948.
ثغرات في الدور الإيراني:
الانخراط في مشاريع طائفية (كما في العراق، سوريا، واليمن).
توسعه الإقليمي أتاح أحيانًا مبررًا لبقاء الولايات المتحدة في المنطقة.
دور مصر في إفشال المشروع
تُعد مصر أكبر دولة عربية من حيث عدد السكان والتاريخ والثقل العسكري. بعد سقوط بغداد ودمشق وطرابلس، توقّع الغرب أن تكون القاهرة هي الضحية التالية، خصوصًا بعد أحداث 2011.
أهم محاور الدور المصري:
إنقاذ الدولة من الانهيار بعد 2013:
بعد حكم الإخوان المسلمين وتدهور مؤسسات الدولة، تدخلت المؤسسة العسكرية بقيادة السيسي لمنع الانهيار، في خطوة لم ترق لواشنطن.
أُحبط سيناريو تحويل مصر إلى دولة طائفية أو فاشلة.
دعم الجيش الوطني الليبي في مواجهة الإرهاب:
دعمت مصر المشير حفتر لاستعادة الاستقرار ومنع تفكيك ليبيا.
حماية قناة السويس وشرق المتوسط:
نشرت قواتها على الحدود الغربية والشرقية، لتأمين أحد أهم الممرات المائية في العالم.
الموقف من القضية الفلسطينية:
رغم الضغوط للتطبيع، حافظت مصر على مسافة واضحة، ولعبت دورًا مهمًا في التهدئة بين غزة وإسرائيل.
رفضت نقل الفلسطينيين إلى سيناء رغم الضغط الإسرائيلي-الأمريكي.
التحالف مع قوى إقليمية مستقلة:
تعاونت مع روسيا والصين، وشاركت في تدريبات بحرية مع دول أوراسيا، مما أغضب واشنطن.
🔍 مقارنة بين الدورين الإيراني والمصري:
العنصر إيران مصر
الوسائل مقاومة غير نظامية وتحالفات طائفية جيش نظامي ودولة مستقرة
دعم الفلسطينيين دعم مباشر عسكريًا ولوجستيًا دعم سياسي وإنساني بتحفظ
العلاقة مع أمريكا عداء مباشر ومستمر موقف متزن ومرن
التأثير الإعلامي تعبئة شعبية ضد الغرب وإسرائيل صوت رسمي حذر مع دعم شعبي قوي
التأثير على إسرائيل ردع صاروخي مباشر إحباط مخطط التهجير واستقرار الوضع الإقليمي
الخلاصة:
المشروع الأمريكي-الإسرائيلي لتفتيت المنطقة ليس مجرد نظرية مؤامرة، بل واقع تم تطبيقه في العراق وسوريا والسودان واليمن وليبيا.
لكن واجه هذا المشروع عقبتين رئيسيتين:
إيران: التي تبنت استراتيجية الردع والدعم العسكري للمقاومة.
مصر: التي اختارت طريق تثبيت الدولة ومؤسساتها، ومنع الانهيار الداخلي.
واليوم، فإن أي تحالف بين القاهرة وطهران قائم على أسس استراتيجية عقلانية قد يكون كفيلًا بإعادة رسم ميزان القوى في المنطقة، وإفشال المشروع الغربي إلى الأبد
د.محمد كمال علام
مدير المركز العربي للدراسات والاعلام في صوفيا بلغاريا