من 14 دولة إلى 13 محافظة: كيف راقبت المنظمات الدولية انتخابات الشيوخ المصرية2025؟"

المشاركة الدولية في انتخابات الشيوخ: بين الدعم الفني والتقييم الديمقراطي"




القاهرة –فتحى الضبع

في خطوة تعكس التزام الدولة المصرية بدعم مبادئ الشفافية والديمقراطية، بدأت عدد من المنظمات الدولية المعنية بحقوق الإنسان والحوكمة الرشيدة في مراقبة مجريات انتخابات مجلس الشيوخ المصري. وتأتي هذه الرقابة الدولية ضمن بروتوكولات تعاون بين الهيئة الوطنية للانتخابات وعدد من المؤسسات الدولية والإقليمية، أبرزها: منظمة الشفافية الدولية، والشبكة الأورومتوسطية لحقوق الإنسان، والاتحاد الأفريقي لمراقبة الانتخابات.

وصل العشرات من المراقبين الدوليين إلى القاهرة قبل أيام من بدء التصويت، حيث وزعوا على مختلف المحافظات، ورافقوا عمليات فتح اللجان، وفرز الأصوات، وتوثيق أي ملاحظات تتعلق بسير العملية الانتخابية.

وأكدت المنظمات المشاركة أن دورها يقتصر على المتابعة والتقييم الفني دون التدخل في مجريات التصويت، مع إعداد تقارير رقابية ترصد مدى الالتزام بالمعايير الدولية.

تأتي هذه الانتخابات في ظل تحديات سياسية واقتصادية متشابكة تمر بها البلاد، وفي وقت يشهد فيه الشارع المصري تراجعًا في مستوى المشاركة السياسية مقارنة بسنوات سابقة.

ويُعد مجلس الشيوخ أحد الغرفتين التشريعيتين في مصر، وله دور استشاري هام في مناقشة القوانين والسياسات العامة، ما يجعل من هذه الانتخابات محطة مهمة في الحياة البرلمانية.

رسائل سياسية ورقابة داخلية:

إلى جانب الرقابة الدولية، شاركت منظمات مجتمع مدني مصرية ومراكز بحث محلية في عمليات المتابعة، وهو ما اعتبره مراقبون رسالة إيجابية إلى الداخل والخارج تؤكد على حرص الدولة على توفير مناخ انتخابي سليم.



في مؤتمر صحفي عُقد اليوم، ، بالعاصمة المصرية القاهرة، أعلن "ائتلاف نزاهة" عن ملاحظاته الأولية حول متابعته الميدانية لانتخابات مجلس الشيوخ المصري، التي جرت داخل البلاد يومي 5 و6 أغسطس الجاري، في جميع محافظات الجمهورية.

وأكد السيد كوفي كانكام، رئيس الائتلاف، أن الفريق الميداني التابع لـ"نزاهة" ضم 30 متابعًا دوليًا من 14 دولة، وقام برصد مجريات العملية الانتخابية في 13 محافظة مصرية، شملت القاهرة، الجيزة، القليوبية، الإسكندرية، البحيرة، السويس، الإسماعيلية، الغربية، الدقهلية، الشرقية، المنوفية، المنيا، وبني سويف. وأوضح كانكام أن المتابعين زاروا 1423 لجنة فرعية من أصل 8286 لجنة، بما يعادل نحو 17% من اللجان على مستوى الجمهورية.

وخلال كلمته، أشاد رئيس الائتلاف بالتنظيم الجيد للعملية الانتخابية، مثمنًا جهود الهيئة الوطنية للانتخابات ومختلف المؤسسات المصرية في إنجاح هذا الاستحقاق الديمقراطي، واصفًا إياه بأنه يمثل خطوة إيجابية نحو ترسيخ المشاركة السياسية وتعزيز الثقة في المؤسسات الديمقراطية. وأعلن أن "ائتلاف نزاهة" سيصدر خلال الأيام القليلة المقبلة تقريرًا شاملًا يتضمن تحليلًا مفصلًا للعملية الانتخابية وتقييمًا نهائيًا لها.


من جانبه، أشار  أيمن عقيل، رئيس مؤسسة ماعت للسلام والتنمية وحقوق الإنسان والمتحدث باسم الائتلاف، إلى أن المتابعين رصدوا عددًا من المسيرات المؤيدة لبعض المرشحين والأحزاب في محيط عدد من اللجان، حيث دعت هذه الفعاليات المواطنين إلى المشاركة الفاعلة في التصويت.

ومن أبرز الملاحظات الإيجابية التي سجلها الفريق، إدخال نظام "QR Code" في عدد من اللجان الانتخابية ضمن كشوف الناخبين، وهو ما اعتُبر نقلة نوعية في أدوات إدارة العملية الانتخابية، لكونه يعزز من دقة التحقق من هوية الناخبين ويُسهم في سلامة التصويت. ودعا عقيل إلى توسيع حملات التوعية لتعريف المواطنين بآلية عمل هذه التقنية، بما يضمن سلاسة الإجراءات داخل اللجان.

وأشاد المتابعون بالإجراءات التنظيمية التي صاحبت العملية الانتخابية، خاصة ما يتعلق بتأمين اللجان من قبل قوات الأمن، والدور الفاعل للشرطة النسائية، التي ساهمت في حفظ النظام ومساعدة الناخبين، مما أضفى طابعًا من الأمان والهدوء على المشهد الانتخابي.

كما نوّه الائتلاف بالدور الإنساني والتطوعي الذي قامت به فرق الهلال الأحمر المصري، التي ساعدت كبار السن وذوي الإعاقة في الوصول إلى لجانهم، إلى جانب المبادرات الصحية التي ترافقت مع العملية الانتخابية، وعلى رأسها مبادرة "100 مليون صحة"، التي قدمت خدمات طبية مجانية للناخبين في عدد من المحافظات.

وفي السياق ذاته، أشاد الفريق بالجهود التوعوية التي بذلتها الهيئة الوطنية للانتخابات، بما في ذلك إعداد كتيب إرشادي مخصص للمتابعين، وتوزيع ملصقات توضيحية داخل اللجان لشرح خطوات التصويت، وهو ما ساهم في رفع الوعي وتعزيز انسيابية العملية.

وفي ختام المؤتمر، أكد "ائتلاف نزاهة" أن انتخابات مجلس الشيوخ 2025 جرت في أجواء هادئة ومنظمة، دون رصد ما من شأنه التأثير على نزاهة أو حرية أو سلامة العملية الانتخابية.

يُذكر أن "ائتلاف نزاهة" يتكوّن من ثلاث منظمات دولية هي: مؤسسة إليزكا للإغاثة (غانا)، منتدى جالس الدولي (أوغندا)، ومنظمة إيكو (اليونان)، بينما تولّت مؤسسة ماعت للسلام والتنمية وحقوق الإنسان تنسيق أعمال البعثة داخل مصر بصفتها الشريك المحلي.