جسدك مقابل الحياة: تجارة الأعضاء تفضحنا جميعًا!

 


بقلم حنان الهراوى

تتصدر منصات التواصل الاجتماعي ومواقع الأخبار هذه الأيام مشاهد صادمة أشبه بالخيال، بطلتها فتاة تدعى "مروة"، كشفت النقاب عن جرائم تقشعر لها الأبدان، تتعلق بتجارة الأعضاء والاتجار بالبشر، حيث يُجبر فقراء على بيع أعضائهم وهم أحياء، فقط ليضمنوا قوت يومهم ويحافظوا على ما تبقى من كرامتهم.

يعود إلى الأذهان قول أمير المؤمنين علي بن أبي طالب: "لو كان الفقر رجلاً لقتلته". فهل بلغ بنا الحال أن يصبح الجسد البشري سلعة؟ وهل نحتاج حقًا إلى أشخاص مثل مروة ليكشفوا لنا أهوالًا تجري في الخفاء؟!

تُطرح هنا تساؤلات مشروعة: ما دور وزارة الداخلية؟ أين أجهزة جمع المعلومات والتحريات؟ هل كانت غافلة حقًا عما يحدث حتى جاءتها الأدلة على طبق من فضة؟ وأين كانت الرقابة حين بدأت ثروات بعض الأفراد تتضخم فجأة؟ ألم يُطرح السؤال المنطقي: من أين لك هذا؟

إننا ننتظر كلمة القضاء العادل للفصل في مدى صحة ما نُسب من اتهامات، وننتظر قبل ذلك وبعده كشفًا شفافًا عن الرؤوس الكبيرة التي تقف خلف تلك الشبكات الإجرامية المنظمة.

في ظل هذه القضايا المفزعة، لا يمكننا إغفال ما تعانيه الطبقتان الفقيرة والمتوسطة في مصر من أزمات معيشية طاحنة، وسط ارتفاع جنوني في الأسعار والخدمات. شباب حاصلون على أعلى الشهادات، يضطرون إلى الغربة والعمل في وظائف شاقة أو مهينة، فقط لأنهم لا يجدون في وطنهم ما يسد الرمق. البعض يخاطر بحياته على "مراكب الموت" أملاً في الوصول إلى أوروبا، بين حلم ضائع ومصير مجهول.

إن ما نشهده من تجارة أعضاء بشرية، وهجرة غير شرعية، وعمالة مهينة في الخارج، ليس سوى صرخة قوية في وجهنا جميعًا. صرخة من ضحايا قسوة المعيشة، وتقصير السياسات، وغياب العدالة الاجتماعي

إن مصر ستظل دومًا الأم الحنون، وإن غابت أحيانًا عن بعض أبنائها. لكننا نناشد الحكومة أن تفتح عينيها جيدًا، وأن تضع الطبقات الفقيرة والمتوسطة نصب أولوياتها. كما نناشد رجال الأعمال أن يقوموا بدورهم في دعم الوطن، لا عبر الحفلات الصاخبة والإنفاق الباذخ في "الساحل الشمالي"، بل عبر المساهمة الحقيقية في بناء حياة كريمة للفقراء.

هذه ليست مجرد قضية مروه، بل قضية وطن بأكمله.

 ماجستير من جامعه وليم باترسون

ورئيس المؤسسة المصرية الأمريكية