"القضية التي تحولت لمسلسل: الرجل الذي عاش مع جثة زوجته 5 سنوات"
في شتاء عام 1999، بحي شعبي بالإسكندرية، كان سكان المنطقة يراقبون جارهم الصامت الذي اعتاد أن يصعد إلى سطح منزله يوميًا ليجلس بجوار برميل معدني. لم يكن أحد يعرف سر تعلقه به، لكن ما أثار الريبة أن الرجل كان يرفض التخلص منه رغم صدأه ورائحته الكريهة بعد هطول الأمطار.
توسل الجيران إليه أكثر من مرة: "ارمي البرميل ده يا حاج، مش قادرين على الريحة"، لكنه كان يرد بهدوء لا يخلو من الغموض: "مقدرش.. فيه مراتي".
لم يصدق أحد ما يقول، حتى جاءت الشرطة بعد بلاغ من الأهالي. الضابط بدوره استغرب من إجابته، لكن القانون لا يعرف المجاملة. ومع إصرار قوات الأمن على فتح البرميل، اصطدموا بطبقة سميكة من الأسمنت. وبعد الاستعانة بمتخصص، انكشفت المفاجأة: جثة امرأة بكامل ملابسها ومصاغها، مصانة بالملح، لم تتحلل رغم مرور خمس سنوات.
بداية الحكاية
خلال التحقيقات، اعترف الزوج أنه تزوجها بعد قصة حب "جنونية"، وأنه كان على استعداد لفعل المستحيل ليكسب قلبها. أنجبا أربعة أطفال، لكنه اكتشف مع الوقت قسوتها وصوتها العالي وتعاملها الجاف معه ومع أولاده. كان يحتمل كل ذلك لأنه أحبها حبًا لم يعرف له حدودًا.
في يوم مشؤوم، عاد منهكًا من عمله ككهربائي بسيط، فواجهته زوجته بطلب الطلاق وصوتها يتعالى: "كرهتك.. انت مش راجل". بكى تحت قدميها، ترجّاها أن تبقى، لكنها أصرت على الرحيل. حين حاول منعها، أمسك برقبتها في لحظة غضب وخوف، ليجدها جثة هامدة بين يديه.
قرار الأم.. و"البرميل"
الأغرب كان رد فعل والدة الزوجة، التي قال لها الحقيقة باكيًا. لكنها نصحته: "لو سلمت نفسك هيتعدموا.. والعيال يتيتموا. دارِي عليها".
فكان القرار: وضع جثمانها في برميل حديدي، غمره بالملح وأغلقه بالإسمنت، ثم احتفظ به على سطح المنزل.
خمس سنوات كاملة ظل الزوج يصعد إلى السطح في الأعياد والمناسبات، يحتفل بجوار "برميل زوجته"، يحدثها ويؤكد لها حبه الأبدي. لم يتزوج ثانية، بل عاش أسير ذكرى لم يستطع دفنها ولا الاعتراف بها.
في المحكمة
عندما تكشفت الحقيقة، رأى القاضي أمامه رجلاً لم يتصرف بدافع الجريمة البحتة، بل بحب مريض قاده إلى مأساة. حوّل الاتهام من "قتل عمد" إلى "ضرب أفضى إلى الموت"، وحُكم عليه بالسجن سبع سنوات فقط.
خرج بعدها ليربي أبناءه، لكنه لم يخلع صورة زوجته من غرفته، وما زال حتى اليوم –كما يُقال– يحدثها كأنها ما زالت حية: "بحبك"..
مأساة إنسانية أم جريمة؟
القصة ظلت حديث الشارع والإعلام لسنوات، وتحولت لاحقًا إلى عمل درامي. لكنها تطرح سؤالاً لا إجابة واضحة له:
هل كان هذا الرجل ضحية حب أعمى يستحق الشفقة؟ أم قاتلاً كان يجب أن يواجه حبل المشنقة؟