بلجيكا تواصل مواجهة إرثها الاستعماري في الكونغو وسط دعوات للاعتذار والتعويض
بلجيكا تعيد النظر في ماضيها الاستعماري... فهل تكفي رمزية الندم؟
بروكسل
تتواصل في بلجيكا محاولات مواجهة ماضيها الاستعماري في الكونغو الديمقراطية، في وقت تتزايد فيه الدعوات من داخل البلاد وخارجها للاعتراف الكامل بالمسؤولية وتقديم تعويضات عن الجرائم التي ارتُكبت خلال الحقبة الاستعمارية.
ففي أكتوبر/تشرين الأول 2020، وافقت جامعة بروكسل الحرة على إعادة رفات بشرية من الكونغو إلى جامعة لوبومباشي، في خطوة رمزية لتعزيز العدالة التاريخية. وبعد عامين، أعلن رئيس الوزراء البلجيكي ألكسندر دي كرو إعادة 84 ألف قطعة أثرية كونغولية كانت محفوظة في المتاحف البلجيكية.
وجاءت هذه التحركات بعد رسالة لافتة من الملك فيليب إلى الرئيس الكونغولي فيليكس تشيسكيدي في 30 يونيو/حزيران 2020، بمناسبة الذكرى الستين لاستقلال الكونغو، عبّر فيها عن "أسفه العميق" للظلم الاستعماري الذي ارتكبته بلاده. وكانت تلك أول مرة يُبدي فيها أحد أفراد العائلة المالكة مثل هذا الموقف العلني تجاه الكونغو، بالتزامن مع تصاعد حركة "حياة السود مهمة" العالمية واحتجاجات ضد العنصرية في الشارع البلجيكي.
وفي اليوم نفسه، أعربت رئيسة الوزراء البلجيكية آنذاك، صوفي ويلميس، عن أسفها إزاء الماضي الاستعماري، في سابقة هي الأولى من نوعها لرئيس حكومة بلجيكي.
ولمواصلة هذه الجهود، شكّل البرلمان البلجيكي في أكتوبر/تشرين الأول 2021 لجنة خاصة لمعالجة آثار الاستعمار، تضم عشرة خبراء لمناقشة قضايا عدة، من بينها التعويضات المالية وإدراج التاريخ الاستعماري في المناهج التعليمية. كما خصصت الحكومة مليوني يورو لبحث أصول المقتنيات المستعادة من السياقات الاستعمارية.
لكن هذه الخطوات لا ترضي كثيرين من أبناء الجالية الكونغولية في بلجيكا والكونغو، الذين يطالبون باعتذار رسمي وتعويضات ملموسة، معتبرين أن تعبير الملك والحكومة عن "الندم" لا يكفي.
ويرى خبراء أن تحسين العلاقات الدبلوماسية بين البلدين يتطلب من بلجيكا إقرارًا أوضح بمسؤوليتها التاريخية، والتعامل مع الكونغو كشريك سياسي واقتصادي على قدم المساواة. ويشيرون إلى أن الاقتصاد البلجيكي استفاد طويلاً من الاستغلال الاستعماري، فيما حُرمت المجتمعات الكونغولية من فرص التنمية، وهو ما لا يزال ينعكس على التفاوت الاقتصادي بين الطرفين حتى اليوم.
